ـ ويسمّونه ساحرا ـ أن يدعو ربّه بما عهد عنده من الآيات والرسالة إن أزال عنهم العذاب إنّهم لمهتدون.
(وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ)
وفي هذه الآية ثلاث ملاحظات : الأولى : أنّهم سمّوا موسى ساحرا ، والثانية : أنّهم قالوا : ادع لنا ربّك ، ولم يقولوا : ربّنا ، والثالثة : أنّهم حين العذاب بالآيات لم يهتدوا ، ولكنّهم قالوا : إنّنا لمهتدون إن كشف عنا ربّك العذاب ، فهم لن يهتدوا إلّا بعد أن يكشف الله عنهم العذاب.
وتساءل المفسّرون : كيف سمّوا موسى ساحرا ثم سألوه أن يدعو ربّه بالنجاة؟
والجواب :
أوّلا : يكشف القرآن الحكيم دائما تناقضات الكفّار ، وكيف أنّهم ضلّوا فلا يهتدون سبيلا ، وبالذات فيما يرتبط بظاهرة النبوّة ، فقال ربّنا سبحانه : (بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) (١) .
وقال سبحانه : (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً) (٢)
وقوم فرعون بدورهم ضلّوا في أمر موسى ، فمن جهة قالوا : يا ساحر ، ومن جهة ثانية اعترفوا بأنّ قدرته ليست منه ، ولا من بعض ما يعرفه من الحيل ، بل من الله ، فسألوه أن يدعو ربّه.
__________________
(١) الأنبياء / (٥) .
(٢) الإسراء / (٤٨) .