المطرّفين ، إنّهم لا يملكون قوة ولا مالا؟ (١)
بلى. ولكنّهم يدعون الى الله ، والله هو القويّ الغني. ولكن من الذي يتّبع دعايات الظالمين ، ويخضع لإعلامهم؟ إنّما هم الفاسقون.
(إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ)
سلّموا أنفسهم للباطل ففسقوا عن الحق ، لأنّهم لم يربّوا أنفسهم منذ البدء على التسليم للحق ، فكان لا بدّ أن يسلّموا لباطل فرعون.
ويبدو من هذه الآية أنّ فرعون ليس هو المسؤول الوحيد ، إنّما الذين اتبعوه كانوا أيضا مسئولين ، وإلّا لما قال عنهم ربّنا : «فأطاعوه» ولما قال عنهم : «إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ» فقد أطاعوا فرعون في باطله ، لأنهم كانوا فاسقين في واقعهم ، فاستحقّوا العذاب باختيارهم السيء.
[٥٥] لقد أغضبوا الربّ الرحمن بعنادهم على الجحود ، وبلغ بهم فعلهم المشين درجة الأسف.
(فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ)
إنّ الله لا يتأسّف ، ولكنّ الواقع واقع يبعث على الأسف ، والله يفعل ما ينبغي أن يفعله من يأسف ، كما أنّ أولياء الله الذين رضاهم رضى الله وسخطهم سخط الله يأسفون.
[٥٦] (فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ)
سلفا : مثالا يحتذي بهم ، ومثلا : عبرة لمن يعتبر.
__________________
(١) نهج البلاغة / ح (١٩٢) ص (٢٩١ ـ ٢٩٢) ـ صبحي الصالح.