وليس المال والجاه وما أشبه.
وكان يكفي العرب هدى مثال عيسى ، فرسالة النبي محمد (ص) ورسالة أخيه عيسى (ع) واحدة ، وزهده في الدنيا ، وخلقه العظيم ، ومعالم شخصيته ، كلّها متشابهة ومعالم شخصية ابن مريم ، ولكنّ قريشا صدّت عن هذا المثل السامي. لماذا؟
أوّلا : لأنّهم لم يؤمنوا بتلك القيم العليا التي مثّلها عيسى ـ عليه السلام ـ بشخصيته ودعوته ، فهم عبدوا آلهة تمثّل الشهوات والأماني الزائلة ، وزيّنها قرناؤهم من شياطين الجنّ والإنس في أعينهم ، حتى قالوا : ءآلهتنا خير أم هو؟!
ثانيا : لأنّ إيمانهم بعيسى بن مريم (ع) مثال الفضائل (والذي قد فرض نفسه على وجدانهم وفطرتهم بالرغم منهم) كان يدعوهم الى الإيمان بالنبي محمد (ص) لأنّهما على نهج واحد ، فصدّوا عن ذاك ليصدّوا عن هذا.
ثالثا : ولعلّ قريشا تأثّرت بالدعاية السلبية التي بثّها اليهود حول النبي عيسى ـ عليه السلام ـ ، ويبدو أنّ من أبعاد رسالة النبي (ص) في قومه إحياء ذكر إخوته الأنبياء الكرام ـ عليهم السلام ـ لا سيّما أنبياء بني إسرائيل الذين ربما منعت عصبية العرب من قبولهم ، وبالذات عيسى ـ عليه السلام ـ الذي تعرّض للإعلام المضادّ من قبل اليهود بالإضافة الى كونه من بني إسرائيل.
(وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً)
أي بيّن القرآن كما الرسالات السابقة واتباعها مثال عيسى (ع) في زهده وخلقه وآياته ليهتدي به العرب الى رسولهم الكريم ، والى أوصيائه الذين يجسّدون نهجه.
(إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ)