(وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ)
ليقتدوا به ، حيث أنّ الرسول ـ أي رسول ـ يجسّد المكرمات ، فيأمر الله باتخاذ سنّته منهجا. ولقد فشت المادية في بني إسرائيل ، وفرّغت الرسالة من روحها وقيمها وأهدافها المباركة ، فكان عيسى بن مريم ـ عليه السلام ـ مثلا لبني إسرائيل في الزهد والخلق الرفيع. هكذا يصف أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ أخاه عيسى بن مريم حين يقول
«وإن شئت قلت في عيسى بن مريم عليه السلام ، فلقد كان يتوسّد الحجر ، ويلبس الخشن ، ويأكل الجشب وكان إدامه الجوع ، وسراجه باللّيل القمر ، وظلاله في الشتاء مشارق الأرض ومغاربها ، وفاكهته وريحانه ما تنبت الأرض للبهائم ، ولم تكن له زوجة تفتنه ، ولا ولد يحزنه ، ولا مال يلفته ، ولا طمع يذلّه ، دابّته رجلاه ، وخادمه يداه» (١) .
[٦٠] والله غنيّ عن طاعتهم ، ولو شاء لأهلكهم ، وأسكن مكانهم ملائكته الذين لا يعصون الله ما أمرهم ، وهم إذ يعصونه بالشرك لا يخرجون عن إطار قدرته.
(وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً)
أي بدلا منهم.
(فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ)
[٦١] ومضى القرآن يكرم عيسى بن مريم ، ويجعله من أشراط الساعة ، حيث رفعه الله اليه ، وادّخره لآخر الزمان حيث يهبط من السماء ، ويصلّي خلف المهدي
__________________
(١) نهج البلاغة / خطبة (١٦٠) ص (٢٢٧) .