ويبدو أنّ عيسى ـ عليه السلام ـ بعث لتصحيح مسيرة المؤمنين بالتوراة ، ولقد أجمل الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ شريعة عيسى حين قال :
«كان بين داود وعيسى بن مريم أربع مأة سنة ، وكان شريعة عيسى أنّه بعث بالتوحيد والإخلاص وبما أوحي به نوح وإبراهيم وموسى ، وأنزل عليه الإنجيل ، وأخذ عليه الميثاق الذي أخذ على النبيّين ، وشرع له في الكتاب : إقامة الصلاة مع الدين ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وتحريم الحرام ، وتحليل الحلال ، وأنزل عليه في الإنجيل مواعظ وأمثال ، وليس فيها قصاص ، ولا احكام حدود ، ولا فرض مواريث ، وأنزل عليه تخفيف ما كان نزل على موسى في التوراة ، وهو قول الله في الذي قال عيسى بن مريم لبني إسرائيل : (وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ) وأمر عيسى من معه ممن اتبعه من المؤمنين أن يؤمنوا بشريعة التوراة والإنجيل» (١) .
(وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ)
فقد جاء عيسى ـ عليه السلام ـ ليرفع الاختلاف الكبير الذي كان قد دبّ في بني إسرائيل حتى بلغ دينهم فتفرقوا مذاهب شتّى ، وأبرزها أربع :
الأولى : طائفة الصدوقيين من أولاد هارون ، الذين توارثوا الولاية على الهيكل منذ عهد داود وسليمان ، واهتمّوا بالقشور وشكليّات الطقوس ، وأضاعوا القيم فتراهم يرتكبون الموبقات ثم يأخذون على غيرهم استخفافهم ببعض الطقوس.
الثانية : طائفة الفريسيين ، حيث عزفوا عن الدنيا ، ومالوا الى التصوّف ، وترفّعوا على الناس ، واغتروا بما لديهم من زهد ومعرفة.
__________________
(١) المصدر / ص (٢٣٤) .