وآخر الآيات تتحدّث عن الله الذي هو في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم ، الذي له ملك السموات والأرض وما بينهما ، ولا يحتاج الى ابن ، وأنّنا إليه راجعون ، وأنّ الذين يعبدون من دون الله لا يملكون شفاعة ، فلن تشفع لهم الجنّة ولا الأصنام ، ولكنّ الشفاعة عند من يكذّبون بهم من الرسل والأنبياء.
وهؤلاء الذين يكذّبون بالرسل إنّما يكذّبون بالله ، ولئن سألتهم من خلق الخلق وخلقهم ليقولنّ الله. إنّهم يعترفون بالله تكوينيّا ، فهو الذي خلقهم وخلق كلّ الخلق ، ولكن لا يؤمنون بالله تشريعيّا ، إذ أرسل إليهم الرسل ، وأيّدهم بآياته ، فما فائدة إيمانهم بأنّ الله خالقهم ، إذ لم يؤمنوا بأنّ الله هو الوحيد الذي يجب أن يشرّع ، لأنّ شرعه سبحانه يتناسب مع أهداف الخلقة ، ولا أقدر على التشريع إلّا من خلقنا.
وأخيرا يحدّد السياق العلاقة المثلى مع هؤلاء القوم المتمثلة في العفو عنهم ، والدعوة الى السلام ، وترك أمرهم الى يوم القيامة.
بينات من الآيات :
[٧٨] إتماما للحديث عن النار ، وعقب أن يردّ عليهم مالك بأنّهم ماكثون أبدا في النار ، يبيّن لهم سبب ذلك ، قائلا :
(لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ)
قال ابن عباس : إنّ المراد من الأكثر هنا هو الكل. ولعلّه فهم من الآية أنّ عادة البشر هي كراهية الحق إلّا من عصمه الله ، ونستلهم من ذلك أنّ على الإنسان أن يتجاوز في ذاته هذه الكراهية بعزم الإرادة حتى يبلغ الحق ، أمّا إذا استرسل مع هواه فسوف يقوده الى الباطل.