بأنفسهم في الأمثال والصفات. إنّه هو الله ربّ السموات والأرض ، وربّ القدرة العظيمة. وفي الحديث : «ربّ المثل الأعلى عمّا به مثّلوه ، ولله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شيء ، ولا يوصف ، ولا يتوهّم» (١)
[٨٣] ربما ضر المزيد من الاهتمام بجدال المشركين ، ويكفي أن ندعوهم الى الهدى ، ونبيّن لهم الحجج ، فإذا عموا عنها تركناهم يخوضون في غيّهم ، ويلهون أنفسهم بأفكارهم الضالّة ، ويلعبون في الحياة بلا هدف حكيم ، حتى يلاقوا يوم الجزاء العادل الذي يعدهم الله.
(فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا)
ولعلّ الخوض هنا يساوق اللهو وهو ما يصرف الإنسان عن الواقع ، بينما اللعب هو السعي المنظّم لأهداف غير رشيدة (حسبما يبدو لي) .
وحين يبتعد الإنسان عن هدى ربّه فهو بين فكرة باطلة يلهو بها عن الحق وسعي دؤوب لغير الأهداف المشروعة ، وقد قال ربّنا سبحانه : (وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ) .
أمّا المهتدون الى ربّهم فعقولهم تستنير بضياء المعرفة ، وتزداد ولها الى الحقائق ، أمّا سعيهم فهو دائب في سبيل تحقيق الفلاح والرضوان.
وبتفكّر أعمق سنصل الى الحقيقة التالية : إنّه الإيمان بالله وحده الذي يجعل الفكر يعمر بهدف سام ، هو معرفة الله أكثر فأكثر ، كما يجعل عمل الإنسان ذا معنى وذا هدف مقدّس هو ابتغاء مرضاة الله.
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٤ ص ٦١٧