[٣٠ ـ ٣١] وإذا كان كلام فرعون هذا قد أخضع ظاهرا من كان حوله ، فإنّ المؤمن بقي متصلّبا في نصرته للحق ، والتزامه ببصيرة الهدى ، رغم تضليل الطاغوت ، وهكذا ينبغي للمؤمنين في كل الأمكنة والعصور.
(وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ)
وهم كلّ جماعة يتحزّبون على أساس الهوى ضد الحق ومن يمثّله ، وكمثل لهذه الفئة يشير القرآن إشارة عابرة إلى طوائف منهم ذهبت قصصهم عبرا وأحدوثات في الأمم الغابرة.
(مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ)
فهؤلاء وإن اختلفوا في تاريخهم وقصصهم وفي عاقبتهم إلّا أنّهم متشابهون في جحودهم الحق ، إذ كذّبوا الرسل وخالفوا رسالاتهم ، وهذا الربط بين أحداث التاريخ ثم الاهتداء بها الى سنّة الله في الحياة يدلّ على عمق البصيرة والإيمان عند مؤمن آل فرعون.
وبعد أن وجّه هذا الداعية العقول الى عبر التاريخ من خلال أحداثه المأساوية الفظيعة يؤكد على عدالة الله وأنّ ما يصير إليه البشر نتيجة تفكيرهم وسلوكهم لا نتيجة قدر إلهيّ ظالم ، حاشا لله.
(وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ)
بل العباد هم الذين يظلمون أنفسهم حينما يخالفون الحق وسنن الحياة.
[٣٢ ـ ٣٣] ثم تابع تحذيره من يوم غضب الله.