ووقع الصلح بين الحجاج ورتبيل ملك سجستان وولى الحجاج عمارة بن تميم اللخمي فكرهه رتبيل فعزله الحجاج.
وولى الحجاج عبد الرحمن بن سليم الكناني ، ثم عزله الحجاج بعد سنة ، وولى مسمع بن ملك بن مسمع الشيباني وتوفي مسمع بسجستان واستخلف ابن أخيه محمد بن شيبان بن مالك فاستعمل الحجاج الأشهب بن بشر الكلبي من أهل خراسان.
ثم ضم الحجاج سجستان مع خراسان إلى قتيبة بن مسلم الباهلي (١) ، فبعث أخاه عمرا بن مسلم ، ثم كتب إليه الحجاج أن يسير إلى سجستان بنفسه فسار في سنة اثنتين وتسعين في أيام الوليد بن عبد الملك (٢) ، وانصرف قتيبة عن سجستان واستولى عليها
__________________
(١) قتيبة بن مسلم بن عمرو بن الحصين الباهلي ، أبو حفص ، أمير ، فاتح من مفاخر العرب ، كان أبوه كبير القدر عند يزيد بن معاوية ، ولد سنة ٤٩ ه / ٦٦٩ م ، ونشأ في الدولة المروانية ، فولي الرّيّ في أيام عبد الملك بن مروان ، وخراسان أيام ابنه الوليد ، ووثب لغزو ما وراء النهر فتوغّل فيها ، وافتتح كثيرا من المدائن ، كخوارزم ، وسجستان ، وسمرقند ، وغزا أطراف الصين ، وضرب عليها الجزية ، وأذعنت له بلاد ما وراء النهر كلها ، واشتهرت فتوحاته ، فاستمرت ولايته ثلاث عشرة سنة ، وهو عظيم المكان مرهوب الجانب ، مات الوليد واستخلف سليمان بن عبد الملك ، وكان هذا يكره قتيبة ، فأراد قتيبة الاستقلال بما في يده ، وجاهر بنزع الطاعة ، واختلف عليه قادة جيشه ، فقتله وكيع بن حسان التميمي ، يفرغانة ، سنة ٩٦ ه / ٧١٥ م وكان مع بطولته دمث الأخلاق ، داهية ، طويل الروية ، راوية للشعر ، عالما به ، قال أحد الأعاجم بعد مقتله : يا معشر العرب قتلتم قتيبة ، وو الله لو كان فينا لجعلناه في تابوت واستفتحنا به غزونا ، وقال المرزباني : وأهل البصرة يفخرون به وبولده.
(٢) الوليد بن عبد الملك بن مروان ، أبو العباس ، من ملوك الدولة الأموية في الشام ، ولد سنة ٤٨ ه / ٦٦٨ م ولي بعد وفاة أبيه سنة ٨٦ ه ، فوجه القواد لفتح البلاد ، وكان من رجاله موسى بن نصير ومولاه طارق بن زياد ، وامتدت في زمنه حدود الدولة العربية إلى بلاد الهند ، فتركستان ، فأطراف الصين ، شرقا ، فبلغت مسافتها مسيرة ستة أشهر بين الشرق ، والغرب ، والجنوب ، والشمال ، وكان ولوعا بالبناء والعمران ، فكتب إلى والي المدينة يأمره بتسهيل الثنايا ، وحفر الآبار ، وأن يعمل فوّارة ، فعملها وأجرى ماءها ، وكتب إلى البلدان جميعها بإصلاح الطرق ، وعمل الآبار ، ومنع المجذومين من مخالطة الناس ، وأجرى لهم الأرزاق ، وهو أول من أحدث المستشفيات في الإسلام ، وجعل لكل أعمى قائدا يتقاضى نفقاته من بيت المال ، وأقام لكل مقعد خادما ، ورتّب للقرّاء أموالا وأرزاقا ، وأقام بيوتا ومنازل يأوي إليها الغرباء ، وهدم مسجد المدينة والبيوت المحيطة به ، ثم بناه بناء جديدا ، وصفّح الكعبة ، والميزاب ، والأساطين في مكة ، وبنى المسجد الأقصى في القدس ، وبنى مسجد دمشق الكبير ، المعروف بالجامع الأموي ، فكانت نفقات هذا الجامع (٠٠٠ ، ٢٠٠ ، ١١) دينار ، أي ـ