المال ، فعزل معاوية سعيد بن عثمان وولى أسلم بن زرعة. فخرج أسلم إلى خراسان حتى قدم مرو الشاهجان (١) ، وبها سعيد بن عثمان وكان أسلم في جمع كثيف فطعن بعض أصحابه سرادق سعيد بن عثمان بالرمح فقتل جارية له ، فكتب إلى معاوية ، فكتب إليه وإلى أسلم أن أقدما جميعا عليّ ، وكان قثم بن العباس بن عبد المطلب قد خرج إلى سعيد بن عثمان فمات بمرو ، وكان مالك بن الريب (٢) الشاعر مع سعيد بن عثمان وكان معه يزيد بن ربيعة بن مفرّغ الحميري (٣) فانصرف سعيد بن عثمان عن خراسان.
وولى عبيد الله بن زياد أخاه عبّاد بن زياد خراسان فخرج إليها فاستصحب يزيد بن مفرّغ ، فترك ابن مفرّغ سعيدا وصحبه فلم يحمده ، وصحبته ، فهو حيث هجاه وهجا آل زياد.
__________________
(١) مرو الشاهجان : هذه مرو العظمى ، أشهر مدن خراسان وقصبتها. (معجم البلدان ج ٥ / ص ١٣٢).
(٢) مالك بن الريب بن حوط بن قرط المازني التميمي ، شاعر ، من الظرفاء الأدباء الفتّاك ، اشتهر في أوائل العصر الأموي ، ورويت عنه أخبار في أنه قطع الطريق مدة. ورآه سعيد بن عثمان بن عفان ، بالبادية في طريقه بين المدينة والبصرة ، وهو ذاهب إلى خراسان وقد ولّاه عليها معاوية سنة ٥٦ ه ، فأنبه سعيد على ما يقال عنه من العيث وقطع الطريق واستصلحه واصطحبه معه إلى خراسان ، فشهد فتح سمرقند وتنسّك ، وأقام بعد عزل سعيد ، فمرض في مرو. توفي سنة ٦٠ ه / ٦٨٠ م.
(٣) يزيد بن ربيعة الملقب بمفرّغ الحميري ، أبو عثمان ، شاعر غزل ، هو الذي وضع «سيرة تبّع وأشعاره» كان من أهل تبالة وهي قرية بالحجاز مما يلي اليمن ، واستقر بالبصرة ، وكان هجّاء مقذعا ، وله مديح ، ونظمه سائر ، وهو صاحب البيت الشائع من قصيدة أوردها المرصفي :
العبد يقرع بالعصا |
|
والحرّ تكفيه الملامه |
وفد على مروان بن الحكم فأكرمه ، وصحب عبّاد بن زياد بن أبيه ، فأخذه معه إلى سجستان ، وقد ولي عبّاد إمارتها فأقام عنده زمنا. ولم يظفر بخيره ، فهجاه ، وسجنه عبّاد ، مدة ، ثم رقّ له وأخرجه ، فأتى البصرة ، وانتقل إلى الشام. وجعل يتنقّل ، ويهجو عبّادا وأباه وأهله ، فقبض عليه عبيد الله بن زياد في البصرة ، وحبسه ، وأراد أن يقتله ، فلم يأذن له معاوية ، وقال أدّبه ، فقيل : إنه أمر به فسقي مسهّلا ، وأركب حمارا ، وطيف به في أسواق البصرة ، واتّسخ ثوبه من المسهل فقال :
يغسل الماء ما صنعت ، وشعري |
|
راسخ منك في العظام البوالي! |
وقيل : كان ابن مفرّغ يكتب هجاءه لعبّاد على الجدران ، فلما ظفر به عبيد الله ألزمه محوه بأظفاره ، وطال سجنه ، فكلّم فيه بعض الناس معاوية ، فوجّه بريدا إلى البصرة بإخراجه ، فأطلق ، وسكن الكوفة إلى أن مات سنة ٦٩ ه / ٦٨٨ م.