ثم ولى عبد الرحمن بن زياد خراسان فانصرف عنها واستخلف بها قيس بن الهيثم السلمي (١) ، ثم ولى يزيد بن معاوية سلم بن زياد خراسان ، وكان بينه وبين أخيه عبيد الله بن زياد عناد شديد ، فخرج معه المهلب بن أبي صفرة وعبد الله بن خازم ، وطلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي وهو طلحة الطلحات وعمر بن عبيد الله بن معمر التيمي (٢) ، وعبّاد بن حصين الحبطي (٣) ، وعمران بن فضيل البرجمي ، وغير هؤلاء من وجوه الناس من أهل البصرة فهدم عبيد الله بن زياد دور جميع من خرج معه أخيه ، فكتب إليه يزيد بن معاوية أن يبنيها بالجص والآجر والساج من ماله فبناها.
وغزا سلم خوارزم وافتتح مدينة كنداكين (٤) وبخارا (٥).
ومات يزيد بن معاوية وكانت فتنة ابن الزبير فانصرف سلم واستخلف عرفجة بن الورد السعدي وسار عبد الله بن خازم السلمي مع سلم متبعا له فرده وكتب عهده على خراسان فلما رجع امتنع عرفجة أن يسلم إليه فتحاربوا بالسهام فأصاب عرفجة سهم فمات ، وأقام عبد الله بن خازم بخراسان يغزو ويفتح وهو في طاعة ابن الزبير إلى أن قتل عبد الملك بن مروان مصعب بن الزبير فوجه برأسه إلى عبيد الله بن خازم وكتب يدعوه إلى طاعته فأخذ رأس مصعب فغسله وحنطه وكفنه ودفنه ، وأجاب عبد الملك
__________________
(١) قيس بن الهيثم بن قيس بن الصلت بن حبيب السلمي ، من الخطباء الشجعان ، من أعيان البصرة في صدر الإسلام ، كان من أنصار بني أمية فيها ، ثم قام بدعوة عبد الله بن الزبير ، وصحب أخاه مصعبا في ثورته ، إلى أن قتل ، فتوجه إلى عبد الملك بن مروان فعفا عنه وأكرمه ، توفي في البصرة سنة ١٨٨ ه / ٨٠٤ م.
(٢) عبيد الله بن معمر بن عثمان التيمي القرشي ، أمير من القادة الشجعان الأشداء ، ومن أجواد قريش ، ولاه عثمان بن عفان قيادة جيش الفتح في أطراف إصطخر ، ونشبت معارك استشهد في إحداها ، وكان ذلك سنة ٢٩ ه / ٦٥٠ م ، وبلغ من قوته أنه كان يأخذ عظم البقر الشديد الذي لا يكسر إلّا بالفؤوس فيكسره بيده ويأخذ مخّه.
(٣) عبّاد بن الحصين بن يزيد بن عمرو الحبطي التميمي ، أبو جهضم ، فارس تميم في عصره ، ولي شرطة البصرة أيام ابن الزبير ، وكان مع مصعب أيام قتل المختار ، وشهد فتح كابل مع عبد الله بن عامر وأدرك فتنة ابن الأشعث ، وهو شيخ مفلوج ، ورحل إلى كابل فقتله العدو هناك سنة ٨٥ ه / ٧٠٥ م.
(٤) كنداكين : ضبطها صاحب معجم البلدان كندكين ، وهي من قرى سمرقند ، ثم من قرى الدبّوسيّة والصغد. (معجم البلدان ج ٤ / ص ٥٤٨).
(٥) وردت في المتن «بخارا» بالألف الممدودة وضبطها صاحب معجم البلدان بالألف المقصورة ، وكذا شأنها في معظم كتب البلدان.