جوابا غليظا ولم يقبل ما جعل له عبد الملك بن مروان فوثب عليه أهل خراسان فقتلوه ، قتله وكيع بن الدورقية وبايع لعبد الملك بن مروان وبعثوا برأسه إليه.
ولما استقامت الأمور لعبد الملك بن مروان ولى خراسان أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس فقطع أمية إلى ما وراء النهر وصار إلى بخارا (١) ، ثم خلف عليه بكير بن وسّاج (٢) فرجع ولم يزل أمية على خراسان حتى ولي الحجاج العراق.
فلما ولي الحجاج كتب إلى عبد الملك يخبره أن أمر خراسان قد اضطرب فرد إليه الأمر ، فولى المهلب بن أبي صفرة خراسان ، وولى عبيد الله بن أبي بكرة سجستان.
ولما صار المهلب إلى خراسان أقام مدة ، ثم سار إلى طخارستان ، ثم إلى كش مدينة الصغد ، ثم اعتل المهلب فرجع إلى مرو رود وهو عليل من أكلة وقعت في رجله ، ثم مات المهلب بخراسان ، وقد عهد إلى ابنه يزيد بن المهلب فأقام مدة.
ثم عزل الحجاج يزيد بن المهلب وولى المفضل بن المهلب (٣) خراسان فلم يزل
__________________
(١) وردت في المتن «بخارا» بالألف الممدودة وضبطها صاحب معجم البلدان بالألف المقصورة ، وكذا شأنها في معظم كتب البلدان.
(٢) بكير بن وسّاج التميمي ، أحد الأمراء الأشراف في العصر المرواني ، كان شجاعا قوي المراس ، ولاه أمية بن عبد الله ، أمير خراسان ، على طخارستان ، فتجهّز ، ثم خافه أمية فمنعه من السفر إلى طخارستان ، وأمره بالتجهيز لغزو ما وراء النهر ، فتهيّأ ، وخشي أمية أن يخرج عليه ، فأمره بالعدول عن الغزو ، وسيره واليا على مرو ، فلما جاءها استقلّ بها ، فحاربه أمية ثم صالحه ، وبلغه عنه بعد ذلك العزم على الخروج فقبض عليه وقتله بخراسان سنة ٧٧ ه / ٦٩٦ م.
(٣) المفضل بن المهلّب بن أبي صفرة الأزدي ، أبو غسان ، وال من أبطال العرب ووجوههم في عصره ، كانت إقامته في البصرة ، وولاه الحجّاج خراسان سنة ٨٥ ه ، فمكث سبعة أشهر ، وولاه سليمان بن عبد الملك جند فلسطين ، ثم شهد مع أخيه يزيد قيامه على بني مروان في العراق ، قال ابن الأثير يصف تلك الوقائع : «فما كان من العرب أضرب بسيفه ولا أحسن تعبئة للحرب ، ولا أغشى للناس من المفضل». لما قتل أخوه ، وتفرّق الناس عنهما ، مضى بمن بقي معه إلى واسط ، وقد أصيبت عينه ، ثم انتقل إلى قندابيل بالسند فأدركه هلال بن أحوز التميمي ، وكان قد سيّره مسلمة بن عبد الملك بن مروان لقتاله ، فقاتله المفضّل وأصحابه ، وتكاثر عليهم أصحاب مسلمة ، فقتل المفضّل على أبواب قندابيل سنة ١٠٢ ه / ٧٢٠ م.