والري ، والجبال ، وأصبهان ، وطبرستان ، وخوارزم ، والسّند ، والبنجاب ، وإقليم جوجرات ، وكشمير.
وكانت هذه الدولة من محاسن الدول ، وسلاطينها من مفاخر السلاطين ، فقد توغلت في بلاد الهند فتحا ، فقتلت وأسرت وغنمت ما لم يسمع بمثله ، وأزالت من تلك الديار المعابد والأصنام ، واستولت على الحصون ، ولم يتهيأ لسلطان مسلم قبلهم فتح ما فتحوه من تلك البلاد ، كما عملوا على نشر الإسلام بين الهنود ، وبين الغوريين الكفرة الذين تقع بلادهم بين غزنة وهراة ، ومن أعظم محاسنهم أيضا قضاؤهم المبرم على سلطان البويهيين الشيعة في الري وبلاد الجبال ، واستردادهم لبلاد ما وراء النهر من خانات تركستان الكفرة ، ومحاربتهم أهل البدع والفساد من معتزلة ، ورافضة ، وإسماعيلية ، وقرامطة ، ومشبهة ، وإظهارهم للسنة.
ثم قامت الدولة السّلجوقية ، ومؤسسها الأول هو سلجوق بن تقاق أحد ملوك الأتراك الذي فر مع قبيلته وقومه من بلاد الترك ، إلى بلاد الإسلام ، حيث أسلم هو ومن معه ، وحسن إسلامهم ، وأخذ يكثر من الإغارة على بلاد الترك الكفرة ، ويساعد المسلمين عليهم ، وكان يقيم بنواحي جند ، ثم ملك أبناؤه من بعده ، وفتحوا البلاد ، واستولوا على مناطق كثيرة من بلاد الغزنويين بعد معارك شديدة ، وأصبحت دولتهم من أعظم الدول ، حيث كانت أوسع رقعة ، وأقوى سلطانا ، وأكثر ازدهارا من الدولة الغزنوية ، وكانت حاضرة السّلجوقيين مدينة الرّي.
وقد امتدت هذه الدولة من حدود الصين شرقا إلى أقاصي الشام غربا ، ومن بلاد آسيا الصغرى شمالا إلى جنوب بلاد اليمن ، وكانت لهم مع الروم وقائع شديدة ، حققوا فيها انتصارات عظيمة ، ودفع لهم إمبراطور الروم الجزية ، كما أنهم أزالوا حكم البويهيين عن بغداد وغيرها ، وحكموا في حاضرة الخلافة العباسية ، وأزالوا حكم العبيديين «الفاطميين» عن الحجاز