وكثير من مدائن الشام ، وقضوا على ثورة البساسيري الرافضي أحد أمراء جند بني بويه ، الذي خطب للعبيديين في بغداد نفسها ، وحاربوا الباطنية «الإسماعيلية» وصلحت البلاد في أيامهم ، وأمنت الطرق ، وهنأت الرعية ، وانتشر العدل ، لكن سنّة الله في مداولة الأيام بين الناس أصابتهم كما أصابت غيرهم ، فضعفت دولتهم ، وقام في وجهها الخوارزميون والغوريون من الشرق ، والصليبيون والروم في آسيا الصغرى وبلاد الشام وفلسطين ، ومن ثم زالت وتفرع عنها بعض الدول الصغيرة.
وكان من أخطر الأحداث في عهد هذه الدولة ، خروج الصليبيين الفرنجة ، واجتماعهم على الاستيلاء على ديار المسلمين ففي سنة ٤٧٨ استولوا لعنهم الله على مدينة طليطلة أكبر وأحصن مدائن الأندلس ، وعلى غيرها من المدن في تلك الناحية وذلك في عهد ملوك الطوائف. وفي سنة ٤٨٤ استولوا على جميع جزيرة صقلّيّة وكانت تابعة لسلطان العبيديين في مصر. وفي سنة ٤٩٠ توجهوا بجحافلهم نحو بلاد الشام والجزيرة فاحتلوا الرّها وأنطاكية وبيت المقدس ، وطرابلس ، وأسسوا في كل واحدة منها إمارة لاتينية ، كما ملكوا كثيرا من مدائن الشام والجزيرة كعكا ، وحيفا ، ويافا ، واللّاذقيّة ، وبيروت ، وصيدا ، وصور ، وجبيل ، وبانياس ، وغيرها الكثير ، فقتلوا فيها مئات الآلاف من رجال المسلمين ، وسبوا نساءهم ، ونهبوا ديارهم وأموالهم ، وعاثوا في تلك الديار التي كان يحكمها السّلاجقة والعبيديون الفساد ، وذلك لما رأوا ضعف هاتين الدولتين ، وما تعانيانه من حروب داخلية قاتلة.
ومع ذلك فقد قامت تلك الدولتان بالوقوف في وجه الصليبيين ، ومقاومتهم رغم ضعف إمكانياتهما ، إلا أن الفضل الأكبر في ردع حملات الصليبيين الحاقدة ، واسترداد البلاد الإسلامية منهم ، كان للدولة الأتابكية في الموصل وحلب ، والدولة الأيوبية ، ومن ثمّ دولة المماليك.
وقد سبق أن الدولة الغورية قامت في وجه الدولة السّلجوقية ؛ والدولة