وطريقة حسنة ، ومن أعظم تلك الوسائل والطرائق إقامتهم للمراكز العلمية العظيمة من مدارس ومكتبات ، ولم أر بعد تتبع دقيق ذكرا لمدرسة بنيت في العهد الأول لبني العباس ، أما المكتبات فقد وجدت واشتهرت ، فقد كان للخليفة المنصور خزانة كتب كبيرة ، وهي لا تذكر أمام المكتبة العظيمة التي أسسها هارون الرشيد ـ فيما قيل ـ وعمل ابنه المأمون على توسعتها ، وجلب المجموعات الكبيرة من الكتب إليها ، وكانت تسمى ببيت الحكمة ، وقد حرص المأمون على تزويدها بكل كتاب يعلم وجوده على ظهر البسيطة ، سواء كان في علوم الشريعة ، أو العلوم الأخرى المفيدة ، والمذمومة ، ويقول القلقشندي في هذه المكتبة : «ويقال إن أعظم خزائن الكتب في الإسلام ثلاث خزائن : إحداها : خزانة الخلفاء العباسيين ببغداد ، فكان فيها من الكتب ما لا يحصى كثرة ، ولا يقوّم عليه نفاسة ، ولم تزل على ذلك إلى أن دهمت التتر بغداد ، وقتل ملكهم هولاكو المستعصم آخر خلفائهم ببغداد ، فذهبت خزانة الكتب فيما ذهب ، وذهبت معالمها ، وأعفيت آثارها» (١).
كما كان للمأمون خزانة كتب خاصة به.
أما في العصر الثاني لبني العباس فقد كان للخليفة المعتضد بالله ، والخليفة المقتدي بأمر الله ، والخليفة الراضي (٢) بالله ، والخليفة الناصر لدين الله خزائن كتب.
وكان الخليفة الناصر لدين الله قد أنشأ من خزانته المذكورة ثلاث خزائن ، فوقف واحدة منها على المدرسة النّظامية ببغداد ، وأخرى على الرباط (٣) الخاتوني السّلجوقي ببغداد ، وثالثة على دار المسنّاة (٤) ببغداد أيضا ؛ كما أنشأ خزانة كبيرة في رباط بناه بالحريم الطاهري ببغداد.
__________________
(١) صبح الأعشى ١ / ٤٦٦.
(٢) وكان عند الأمير هارون بن المقتدر أخي الراضي بالله وعامل فارس مكتبة عظيمة.
(٣) بنى هذا الرباط الخليفة الناصر عند تربة زوجته سلجوقة خاتون.
(٤) بنى هذه الدار الخليفة الناصر أيضا.