والأمير مراد خان ابن أخي الأمير سلطان حسين أنشأ مدرسة ، وضم إليها مكتبة حسنة.
والأميرة ، الصالحة ، العابدة ، زاهدة العباسية بنت الأمير أبي نصر حفيد المستعصم بالله بنت مدرسة كبيرة في العمادية ، ووقفت عليها خزانة كتب جليلة ، وكانت هذه الأميرة تحب العلماء والشعراء وتقربهم.
(د) عناية العلماء بإقامة المراكز العلمية : لقد حرص العلماء كغيرهم على إنشاء المدارس والمكتبات ، بل إنهم هم الذين شجعوا ملوك الدنيا على بناء دور العلم ، وخزائن الكتب ، ولو أراد الباحث أن يذكر كل ما وقف عليه من جهد العلماء في هذا المضمار لطال الأمر كثيرا ، ويكفي هنا أن أشير إلى عدد قليل منهم ـ كالمثال ـ لأنهم في الأصل لا يدخلون في مجال بحثي الذي يختص بالحكام دون غيرهم.
فالفقيه ، الأديب ، الشاعر ، المصنف أبو القاسم جعفر بن محمد بن حمدان الموصلي ، المتوفى سنة ٣٢٣ كان له بالموصل دار علم ، تشتمل على مكتبة كبيرة وقفها على أهل العلم وطلبته.
والشريف ، الزاهد ، العالم أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي ، المتوفى سنة ٥٧٥ أنشأ خزانة كتب عظيمة في مسجده ببغداد ، ووقفها على أهل العلم ، وقد شاركه في وقف الكتب رجلان ، وتبعهما غير واحد من العلماء منهم ياقوت الحموي الذي وقف كتبه عليها.
والإمام الكبير ، الفقيه أبو حامد محمد بن محمد الغزالي المتوفى سنة ٥٠٥ بنى في بلده طوس مدرسة للفقهاء.
وغيرهم (١) الكثير.
فهذه لمحة موجزة عن اهتمام الحكام في بلاد المشرق برفع المستوى العلمي من خلال بنائهم لدور العلم ، وإن أهل المشرق ـ كما مر ـ هم أول
__________________
(١) انظر كتاب علماء النظاميات ومدارس المشرق الإسلامي للدكتور ناجي معروف.