وكانت نيسابور أيضا تحفل بمدارس كثيرة ، ومكتبات عظيمة ، ومن أهم مكتباتها خزائن الكتب الوقفية في مسجد عقيل.
(٢) دول الشام ومصر :
ـ الملوك والسلاطين :
(أ) الدولة الحمدانية : أسس سيف الدولة الحمداني مكتبة عظيمة في بلده حلب ، احتوت على نوادر الكتب الأدبية وغيرها.
(ب) الدولة العبيدية : إن من الإنصاف إعطاء هذه الدولة الخبيثة ، المارقة عن سنن الحق ، حقها في مجال نشر العلوم ، وبناء المعاهد العلمية ، وإنشاء خزائن الكتب ، وقد قدّمت أن هذه الدولة مع ما اشتهر عنها من حب للعلوم فإنها حاربت علوم الآثار والأخبار التي عليها مدار الشريعة ، وروّجت علوم الأوائل الضالة ، وشجعت البحث في متاهات الفلسفة التي لا توصل إلا إلى الزّيغ والمروق.
ولم يظهر اهتمام العبيديين بالعلوم ، وإقامة المراكز العلمية قبل ورودهم القاهرة ، فلما استولى قائد المعز لدين الله العبيدي جوهر الصّقلّي على مصر ، بنى مدينة القاهرة ، وبنى فيها الجامع الأزهر الذي كانت تعقد فيه المجالس العلمية لدراسة المذاهب الإسماعيلية والفلسفية ، ولما تولى العزيز بالله بن المعز لدين الله الملك بعد أبيه جعل من هذا الجامع معهدا علميا واسعا ، تدرس فيه جميع العلوم خلا الحديث والآثار.
ثم تولى الملك بعد العزيز ابنه الزنديق الملقب بالحاكم بأمر الله عليه لعنة الله فأنشأ (١) دار الحكمة التي كانت جامعة للعلوم ، حيث اشتغل فيها
__________________
(١) لم يهتم العبيديون ببناء المدارس ، ودور العلم كما هو حال أصحاب الدول الكبيرة ، قال القلقشندي في صبح الأعشى ٣ / ٣٦٢ عند ذكر مدارس مصر : «وأما مدارسها : فكانت في الدولة الفاطمية وما قبلها قليلة الوجود بل تكاد أن تكون معدومة ، غير أنه كان بجوار القصر دار تعرف بدار العلم ، كان داعي الشيعة يجلس فيها ، ويجتمع إليه من التلامذة من يتكلم في العلوم المتعلقة بمذهبهم».