عباس بن مرداس ، فغضب صفوان وقال : أدركتك المنافيّة (١) ، فأسكت أبو سفيان ، وجاءه الخبر بظهور رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخذ حويطب وحيّزه الرهن.
قال : وأنا الواقدي (٢) ، حدّثني ابن أبي سبرة ، عن موسى بن عقبة ، عن المنذر بن جهم ، قال : لما كان يوم الفتح هرب حويطب بن عبد العزّى ، حتى انتهى إلى حائط عوف دخل هناك ، وخرج أبو ذرّ لحاجته ، وكان داخله ، فلما رآه هرب حويطب فناداه أبو ذر : تعال أنت آمن فرجع إليه فسلّم عليه ، ثم قال : أنت آمن ، فإن شئت أدخلتك على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وإن شئت فاذهب إلى منزلك ، قال : وهل لي سبيل إلى منزلي؟ ألقى فأقتل قبل أن أصل إلى منزلي ، أو يدخل عليّ منزلي فأقتل؟ قال : فأنا أبلغ معك ، فبلغ معه منزله ، ثم جعل ينادي على بابه : إن حويطبا آمن فلا يهيج (٣) ، ثم انصرف أبو ذرّ إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبره ، فقال : «أوليس قد آمنا الناس كلهم إلّا من أمرت بقتله»؟ رواه محمّد بن سعد ، عن الواقدي أتم منه ، وأورد له إسنادا آخر [٣٨٠٨].
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمّد الشيرازي ، أنا أبو عمر الخزاز ، أنا أحمد بن معروف الخشاب ، نا الحسين بن محمّد ، أنا محمّد بن سعد ، أنا محمّد بن عمر ، حدّثني إبراهيم بن جعفر بن محمود ، عن أبيه ، قال : وحدّثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن موسى بن عقبة ، عن المنذر بن جهم ، قالا : قال حويطب بن عبد العزى : لما دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم مكة عام الفتح خفت خوفا شديدا فخرجت من بيتي وفرّقت عيالي في مواضع يأمنون فيها ، ثم انتهيت إلى حائط عوف ، فكنت فيه ، فإذا أنا بأبي ذرّ الغفاري ، وكان بيني وبينه خلّة ، والخلّة أبدا نافعة.
فلما رأيته هربت منه ، فقال أبا محمّد فقلت : لبيك ، قال : ما لك؟ قلت : الخوف ، قال : لا خوف عليك ، تعال ، أنت آمن بأمان الله ، فرجعت إليه وسلّمت عليه ، فقال لي اذهب إلى منزلك ، قال : فقلت : وهل لي سبيل إلى منزلي؟ والله ما أراني أصل إلى بيتي حيا حتى ألقى فأقتل أو يدخل عليّ منزلي ، فأقتل فإنّ عيالي لفي مواضع شتى ، قال : فاجمع عيالك معك في موضع ، وأنا أبلغ معك منزلك ، فبلغ معي وجعل ينادي على
__________________
(١) المنافية : نسبة إلى عبد مناف ، يريد العصبية إلى عبد مناف.
(٢) مغازي الواقدي ٢ / ٨٤٩.
(٣) الواقدي : فلا يهجم عليه.