بابي : إنّ حويطبا آمن فلا يهيّج.
ثم انصرف أبو ذر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبره ، فقال : «أوليس قد آمنا الناس كلهم إلّا من أمرت بقتله؟» ، قال : فاطمأننت ورددت عيالي إلى مواضعهم ، وعاد إليّ أبو ذر فقال : يا أبا محمّد حتى متى وإلى متى؟ قد سبقت في المواطن كلها ، وفاتك خير كثير ، وبقي خير كثير ، فائت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأسلم تسلم ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم أبرّ الناس وأوصل الناس وأحلم الناس ، شرفه شرفك ، وعزّه عزّك.
قال : قلت : فأنا أخرج معك فآتيه قال : فخرجت معه حتى أتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالبطحاء ، وعنده أبو بكر وعمر ، فوقفت على رأسه ، وقد سألت أبا ذر كيف يقال : إذا سلّم عليه؟ قال : قل السلام عليك أيها النبي ورحمة الله ، فقلتها ، فقال : وعليك السلام أحويطب؟ قال : قلت : نعم ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنك رسول الله. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الحمد لله الذي هداك» [٣٨٠٩].
قال : وسرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بإسلامي واستقرضني مالا فأقرضته أربعين ألف درهم ، وشهدت معه حنينا ، وأعطاني من غنائم حنين مائة بعير (١).
ثم قدم حويطب بن عبد العزّى بعد ذلك المدينة فنزلها وله بها دار بالبلاط (٢) عند أصحاب المصاحف.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا رضوان بن أحمد ، أنا أحمد بن عبد الجبار ، نا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق (٣) ، حدّثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم وغيره ، قالوا : كان ممن (٤) أعطى رسول الله صلىاللهعليهوسلم من أصحاب المائتين من المؤلفة قلوبهم من قريش من بني عامر بن لؤي : حويطب بن عبد العزّى بن أبي قيس مائة من الإبل (٥).
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن
__________________
(١) المستدرك ٣ / ٤٩٣ والإصابة ١ / ٣٦٤ وأسد الغابة ١ / ٥٥٣ وسير الأعلام ٢ / ٥٤١.
(٢) البلاط : موضع مبلط بالمدينة ما بين المسجد والسوق (ياقوت).
(٣) سيرة ابن هشام ٤ / ١٣٨.
(٤) بالأصل وم : «من».
(٥) سيرة ابن هشام ٤ / ١٣٦ و١٣٨.