ماتا مع الرجل الموفى بذمّته |
|
يوم الحفاظ إذا لم يوف بالذمم |
ما ذا بمنبج لو ينشر مقابرها |
|
من التّهدّم بالمعروف والكرم |
أخبرنا أبو العز بن كادش ـ فيما قرأ عليّ إسناده ، وناولني إياه ، وقال : اروه عني ـ أنا محمّد بن الحسين الجازري ، أنا أبو الفرج المعافى بن زكريا القاضي (١) ، نا محمّد بن الحسن بن دريد ، أنا أبو عثمان ، قال : أخبرني رجل من قريش بمكة ، أحسبه قال : من ولد عبد الرّحمن بن عوف ، حدثني حميد بن معيوف (٢) الحمصي عن أبيه ، قال : كنت فيمن حضر الحكم بن المطّلب بن عبد الله بن المطّلب بن حنطب بن الحارث بن عبيد (٣) بن عمر بن مخزوم ، وهو يجود بنفسه بمنبج ، قال : ولقي من الموت شدة ، فقال رجل ممن حضره وهو في غشية له : اللهم هوّن عليه ، فإنه كان وكان ، فلما أفاق قال : من المتكلم؟ قال المتكلم : أنا ، قال : إن ملك الموت يقول : لك إني بكل سخيّ رفيق ، قال : وكأنما كانت فتيلة أطفئت ، فلما بلغ موته ابن هرمة قال :
سألا عن الجود والمعروف أين هما |
|
فقلت : إنهما ماتا مع الحكم |
ماتا مع الرجل الموفى بذمّته |
|
يوم الحفاظ إذا لم يوف بالذمم |
ما ذا بمنبج لو ينشر مقابرها |
|
من التّهدّم بالمعروف والكرم |
قال ابن دريد : فسألت أبا حاتم عن قوله : «لو ينشر» لم جزم؟ فقال : قال قوم من النحويين : كراهة كراهة لكثرة الحركات ، كما قال الراجز :
إذا اعوججن قلت صاحب قوّم |
|
بالدّوّ (٤) أمثال السّفين العوّم (٥) |
وقال له : لو قال : نبشت مقابرها لاستراح من اللبس ، وكان كلاما فصيحا.
قال القاضي : وقد بيّنا فيما مضى من هذه المجالس هذا النحو مما سكن في الشعر مع استحقاقه التحريك ، وذكرنا مما أنشده سيبويه (٦) في هذا المعنى والاختلاف في
__________________
(١) الخبر في كتاب الجليس الصالح الكافي ١ / ٥٧٤ ونقله عنه ابن العديم في بغية الطلب ٦ / ٢٨٧٤.
(٢) في الجليس الصالح : مغوث.
(٣) الجليس الصالح : عبد.
(٤) الأصل : بالدر ، والمثبت عن الجليس الصالح.
(٥) الرجز في الكتاب لسيبويه ٢ / ٢٩٧.
(٦) انظر الكتاب لسيبويه : باب ما يسكن استخفافا وهو في الأصل عندهم متحرك ٢ / ٢٥٧.