بعريجاء لأن أناشده ، فقال له صخر : إني كثير الإبل ـ وكان حكم مقلّا ـ فاذا وردت إبلي فارتجز ، فإن القوم لا ينتجعون (١) عليك [وأنت](٢) وحدك ، فإن لقيت الرجل نحر وأطعم فانحر وأطعم معه ، وإن أتيت على مالي كله. قال ريحان راويته : فورد يومئذ عريجاء وأنا معه فظل على عريجاء ولم يلق رمّاحا ، ولم يواف لموعده ، وظل ينشد يومئذ حتى أمسى ، ثم صرف وجوه إبل صخر وردّها ، وبلغ الخبر ابن ميّادة وموافاة حكم لموعده ، فأصبح على الماء وهو يرتجز :
أنا ابن ميّادة عقّار الجزر |
|
كلّ صفيّ ذات باب (٣) منفطر |
وظل على الماء فانتحر (٤) وأطعم فلما بلغ حكما ما صنع ابن ميّادة من نحره وإطعامه شقّ عليه مشقّة شديدة ، ثم إنهما بعد توافقا (٥) بحمى ضرية. قال سويد (٦) بن ريحان : وكان ذلك العام عام جدب وسنة إلّا بقية كلأ بضرية. قال : فسبقنا ابن ميّادة يومئذ فنزلنا على مولاة لعكّاشة بن مصعب بن الزبير ذات مال ومنزلة من السلطان ، قال : وكان حكم كريما على الولاة هناك يتّقى للسانه. قال ريحان : فبينا نحن عند الولاة وقد حططنا براذع دوابّنا إذا راكبان قد أقبلا ، وإذا برمّاح وأخيه ثريان (٧) ولم يكن لثريان ضرب في الشجاعة والجمال فاقبلا يتسايران فلما رآهما حكم عرفهما فقال : يا ريحان هذان ابنا أبرد فما رأيك؟ تكفيني ثريان أم لا؟ قال : فأقبلا نحونا ورمّاح يتضاحك حتى قبض على يد حكم ثم قال : مرحبا برجل سكت عني وأصبحت الغداة أطلب سلمة يسوقني الذئب والسنة ، فأرجو أن أرعى الحما بجاهه وبركته ، ثم جلس إلى جنب حكم وجاء ثريان فقعد جنبي ، وقال حكم : أنا ورب المرسلين يا رمّاح لو لا أبيات جعلت تعتصم بهن وترجع إليهن ـ يعني أبيات ابن ظالم ـ لاستوسقت كما استوسق من كان قبلك ، قال ريحان : وأخذا في حديث أسمع بعضه ويخفى عليّ بعضه ، فظللنا عند المرأة
__________________
(١) الأغاني : يشجعون.
(٢) الزيادة عن الأغاني.
(٣) الأغاني : ذات ناب.
(٤) كذا بالأصل وم ، والصواب : فنحر.
(٥) الأغاني : توافيا.
(٦) كذا بالأصل وم ، والصواب «ريحان بن سويد» وقد مرّ في بداية الخبر صوابا.
(٧) الأغاني : «ثوبان» في كل مواضع الخبر.