هذه الآية : (وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ ، وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ، لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)(١) ، قال : يا عبد الله ، إن القوم عرضوا على السيف ، فحال السيف دون الكلام ، قلت : يا أبا سعيد ، فهل تعرف لمتكلم (٢) فضلا؟ قال : لا ، قال المعلّى : ثم حدّث بحديثين.
قال : حدّثنا أبو سعيد الخدري عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ألا لا يمنعنّ أحدكم رهبة الناس أن يقول الحق ، إذا رآه أن يذكر تعظيم الله ، فإنه لا يقرب من أجل ولا يبعد من رزق» [٣٦٤٦].
قال : ثم حدّث الحسن بحديث آخر ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليس للمؤمن أن يذل نفسه» ، قيل : وما إذلاله نفسه؟ قال : قال : «يتعرض من البلاء لما لا يطيق» ، قيل : يا أبا سعيد ، فيزيد الضّبّي وكلامه ، ـ زاد ابن حمدان : في نفسه ، وقالا ـ في الصلاة ، قال : أما إنه لم يخرج من السجن حتى ندم [٣٦٤٧].
قال المعلّى : فأقوم من مجلس الحسن فأتيت يزيد ، فقلت : يا أبا مودود بيننا أنا والحسن نتذاكر إذ نصبت أمرك نصبا ، فقال : مه يا أبا الحسن ، قال : قلت قد فعلت ، قال : فقلت : فما قال الحسن؟ قال : أما إنه لم يخرج من السجن حتى ندم على مقالته ، قال يزيد : ما ندمت على مقالتي ، وأيم الله لقد قمت مقاما أخاطر فيه بنفسي.
قال يزيد : فأتيت الحسن ، فقلت : يا أبا سعيد ، غلبنا على كل شيء نغلب على صلاتنا ، فقال : يا عبد الله ، إنك لم تصنع شيئا ، إنك تعرض نفسك لهم ، ثم أتيته فقال لي مثل مقالته.
قال : فقمت يوم الجمعة في المسجد والحكم بن أيوب يخطب ، فقلت : رحمك الله الصلاة ، قال : فلما قلت ذلك احتوشتني (٣) الرجال يتعاوروني ، فأخذوا بلحيتي وتلبيبي وجعلوا يجئون (٤) بطني بنعال سيوفهم.
قال : ومضوا بي نحو المقصورة ، فما وصلت إليه حتى ظننت أنهم سيقتلونني
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية : ٦٢.
(٢) بالأصل «لمنكم» والمثبت عن م.
(٣) أي أحاطوا بي.
(٤) بالأصل : يجيئون وفي م : يجيون.