ظهرت عليها علائم القبول ، وزار تربة سيدنا إسحق ويعقوب ويوسف وجميع المشاهد ، وصافح العلماء والأتقياء ، ونال حظّا كبيرا من أدعيتهم ، وأحسن إلى الفقراء بصدقة عظيمة ، وسار والعز يشيعه إلى قصبة بيت لحم ، وهناك وقف له رؤساء جميع الملل والطوائف الغير المسلمة مع الجند السلطاني ، فاستقبلوا دولته أعظم استقبال وأبهى احتفال ، واسترحموا منه أن يروه كنيسة الولادة ، فدخلها ؛ إجابة لدعوتهم ، وكان الرؤساء الروحيون بملابسهم الكهنوتية ، وضربت له النواقيس ، واجتمعت الطوائف على اختلاف أجناسها وأعمارها ، وأوقدت الشموع والقناديل داخل الكنيسة ، ودعي للدولة والجيش فخرج وأحسن بصدقة عظيمة أيضا على فقراء الطوائف.
ثم جاء القدس وقت الظهر ، فتناول الطعام في المعسكر في جبل الطور ، وكانت ضيافة القدس في العودة مما أقامه روشن بك مفتش المنزل ، وتكلم في تلك الضيافة الشيخ أسعد الشقيري على حديث نبوي خاطب فيه الرسول سيدنا علي بن أبي طالب بقوله : ((أنت سيد المسلمين ويعسوب الموحدين)) وإن السيادة التي كانت لعلي بسبب حفظه لكيان المسلمين وحرصه على إقامة شعائر الدين وقيادته للجيوش الإسلامية واجتهاده في الفنون الحربية وحصول الظفر على يديه ، فنال السيادة بالعز والحزم والجهاد والسيف ، ومضى راضيا مرضيّا ، وإن أنور باشا في عصرنا يحق له السيادة على الإسلام بسبب ثباته على مسلك الدين ، واتباعه لشريعة سيد المرسلين ، وجهاده في طرابلس الغرب ، وفي مواقع الحروب ، وتنظيمه الجيوش ، وأخذه على عاتقه القيادة العامة وشخوصه بالذات إلى هذه الولايات لتفقد الشئون العامة ، والنظر في الجيش.