بجانب علم بلاده ، وهو يرتئي للبلوغ إلى هذه الغاية العالية أن ينهج في تدريب الجيش ثلاث خطط : التضحية ، تربية الإرادة ، إثارة التعصب.
وهو يرى أن ينزع الضابط إلى تربية الجندي على هذا الطراز ، وأن يلبث آخذا النفس به أكثر من نصف النهار وهو يسرد له الواجبات التي يتحتم عليه القيام بها سردا يجعله مرتعدا كأنه اقترب من أتون ملتهب ضراما.
وأحمد جمال باشا ـ كما قال جورج ريمون ـ يحمل نفسا لا تغلب ، وهو لم يشك يوما من الأيام في فوز وطنه.
٤ ـ في سورية
أظهر قائدنا الكبير أحمد جمال باشا في خلال إقامته في ربوعنا السورية كل ما أوتيه من ضروب الذكاء والعلم وصنوف السياسة والكياسة ، فأصلح ما كان قد فسد من العمل ، وجمع ما كان قد تفرق من الشمل ، فالتفت عليه القلوب ، واشرأبت نحوه الأعناق ، واتجهت إليه الأنظار ، وتعلقت على همته الآمال في إنهاض هذه البلاد التعسة من وهدة الشقاء والبلاء إلى ذروة الفلاح والعلاء.
وقد كان رعاه الله حكيما فطنا أدرك ما يتطلبه هذا الوطن ، فعمل على تحقيقه بعزمه المتين ، وإرادته القوية ، وطفق يهيئ معدات النجاح بحكمته ورويته ، فبدأ يجمع القلوب حول نقطة واحدة ، وهي نقطة حب الدولة والوطن ، وأعقبها بالعمل على الاتحاد بين هذه الشعوب المتفرقة ، فأخذ زرعه يزهر ولا يلبث أن يجنيه ثمارا شهيّا.