بمثل هذه المجاملة والمعاملة كان بطل الانقلاب الأعظم يستأسر قلوب القوم في طرابلس الغرب.
وهناك تفاصيل وحوادث لا تسعها الصحف تدل على شجاعة ضيف البيروتيين اليوم وبسالته النادرة ، وحذقه العسكري الذي اعترف به العدو قبل الصديق.
٣ ـ في الحرب البلقانية
لم يكد يعلم أنور باشا بفاجعة البلقان المشهورة حتى خف إلى دار الخلافة بسرعة أدهشت العالم ، فتغلغل بين الجند العثماني في جتالجه ووطد الأفئدة ، ووحد القلوب ، ولما انتهى إليه أن وزارة كامل باشا تحاول أن تسلم أدرنة للبلغاريين ، هاجت به عواطفه الوطنية وأبى إباؤه العسكري أن يحدث مثل هذا الأمر الهائل ، فتوانق مع رفقائه ، وأخصهم القائد الكبير والسياسي الإداري الخطير أحمد جمال باشا قائد الجيش الرابع وناظر البحرية الجليلة ، فلم يمض حين من الزمن حتى كان كامل باشا في بيته ، وقد مزق أبطالنا المذكرة التي كانت سترسل إلى سفراء الدول بتسليم أدرنة ، وقد كان لهذه الحادثة تأثير كبير في أوربا ، ونقلتها الصحف الغربية بكمال الإعجاب والدهشة ، وأكبرت عمل بطلنا العظيم أنور باشا ، ومما قالته جريدة الفرمدنبلاط :
«إن أنور بك جدير بالإعجاب ، وله مزايا شخصية جليلة يستحق عليها المدح بكل لسان. إن التاريخ سيسجل لأنور بك أجمل الأثر وسيعده من أبطال الوطنية».