في دمشق (١)
بعد مطر غزير أحيا الزرع والضرع أصبحت مدينة دمشق (١٧ ربيع الثاني ١٣٣٤ ه) مزدانة بأبهى حلة من الأعلام العثمانية الجميلة ، دورها وحوانيتها ودوائرها الرسمية وفنادقها ونواديها ومدارسها وجميع أبنيتها ، يأتي النسيم إلى هذه الأعلام المحبوبة فتتموج تموجا لطيفا يشبه اهتزاز وجه الحسناء حينما يدخل السرور إلى قلبها ، يحق لك أيتها الأعلام الجميلة أن تهتزي طربا وسرورا ، وأن تميسي فخارا ؛ إذ إنك تستقبلين بطلا عظيما ، طالما نسي حياته في سبيل حياتك ، وكثيرا ما تجشم الأخطار والمصاعب في سبيل رفعتك ومجدك ، تستقبلين أيتها الأعلام الظافرة سيفا من سيوف الإسلام القاطعة ؛ طالما جرد في سبيل نصرة دين دولة الخلافة التي أنت شارتها المفداة بما عزّ وهان ، هذا البطل المحبوب هو دولة أنور باشا ناظر حربية دولة الخلافة ووكيل مولانا الخليفة الأعظم في قيادة جيوشه العظمى.
تفاخر دمشق اليوم وهي المدينة التاريخية العظيمة التي هي مرقد صلاح الدين الأيوبي من كبار أبطال الإسلام ؛ إذ قد حل ضيفا فيها على الرحب والسعة بطل كبير من أبطال الإسلام ، أيضا عمل ويعمل في سبيل دفع الأذى عنه ونشر راياته في البلاد القريبة والنائية ، تعتز دمشق اليوم باستقبال بطل من أبطال الدستور هذا الذي رأى مع إخوانه أن الحكومة الاستبدادية لا تنطبق مع روح الشريعة السمحاء ، فنهضوا نهضة الأسد من عرينه ، وخلصوا الأمة من براثن الظلم والاستبداد ، وأذاقوها طعم العدل اللذيذ ، تستأنس دمشق برؤية
__________________
(١) مقتبس من المقتبس ، بقلم شقيقنا أحمد كرد علي ، مع قليل من الحذف والإثبات.