في المدينة المنورة
ركب أنور باشا وجمال باشا ومن في معيتهما القطار من عمان حضارة البلقاء ، وما برح العربان المخيمون في لواء الكرك وما بعدها حتى المدينة المنورة ينحرون الإبل ؛ شكرا لله على قدوم أنور باشا ، وهو ـ أيد الله عزه ـ يقابلهم ببشره ولطفه ، وينعم عليهم بإحساناته وصدقاته ، ويبدون عواطف العرب الخلقية نحو دولة الخلافة مما يمتعض له وجه الأعداء ، ويفرح به قلب الأولياء.
وفي طريق المدينة جاءت البشرى من مقام الخلافة العظمى بتوجيه ، وسام الامتياز الذهبي والفضي الحربي إلى دولة جمال باشا قائد الجيش الرابع ، وصنو دولة أنور باشا وصديقه ، وذلك أن وكيل القائد الأعظم أنور باشا دهش مما شاهد من آثار أخيه أحمد جمال باشا ، فعرض ما شاهد على مسمع أمير المؤمنين ، فصدرت إرادته السنية بالإحسان إليه ، هذا الإحسان السلطاني جزاء خدمه الجلي في جانب السلطنة والخلافة ، وقد طير البرق هذا النبأ إلى الأطراف ، فسرّ الناس على اختلاف درجاتهم وتصوراتهم ؛ إذ عرفوا أننا في دولة يكافأ فيها العامل ، ويعرف قدر المحسن في عاجل الحال وآجله ، فالحمد لله على ما أنعم ووفق.
وبعد ، فلم يكد (١) ينتشر بين الأهالي في مدينة الرسول صلىاللهعليهوسلم خبر قدوم أنور باشا وجمال باشا حتى عمّ البشر ، وسرت روح حياة في عروق الكل ، ولم ينتظروا أوامر الحكومة ، بل تقديرا لهذين البطلين المقدامين أخذ الكل
__________________
(١) من رسالة لمكاتب جريدة المقتبس في البلد الطيب ، ورسالة مكاتب الشركة الملية البرقية ، ومن مصادر أخرى رسمية وغير رسمية.