وعلى هذا قس كل مظاهر تقديم آل محمد.
ثم إن الأمة قد أجمعت طوال تاريخها الطويل على استبعاد أهل بيت النبوة عن القيادة ، فعندما يأتي المهدي وهو ابن محمد وعميد أهل بيت النبوة ، وتنقاد له الأمة وينقاد له العالم كله ، فإن في ذلك نقض لإجماع الأكثرية الساحقة رغبة أو رهبة على استبعاد آل محمد عن قيادة الأمة!! ثم إن في ذلك تعييب على الصحابة الكرام وخاصة الخلفاء الثلاثة الأُول لأنه وفق هذه الثقافة صارت لهم مكانة عملية في قلوب العامة أعظم من مكانة النبيين!! فمن الجائز أن يخطىء الرسول « حاشاه » حسب مقاييس العامة لأنه بشر ، ولكن من غير المعقول أن يخطيء الخليفة الأول أو الثاني لأنهما خليفتا رسول رب العالمين!!! وكثيراً ما روى البخاري ومسلم أحاديث تعطي لعمر دور البطولة حتى على رسول الله نفسه!! فتراه يأمر النبي ، وينهاه ، أو يعتبر ما رضي به النبي « دنَّية » في الدين كما حدث بصلح الحديبية!! وتحولت كل هذه الأمور وأمثالها مع الأيام إلى دين حقيقي يقرأ مع الدين الإسلامي.
فإذا جاء المهدي ـ حسب اعتقاد المتشككين ، فإنه سينشر قضية أهل بيت النبوة على مستوى العالم كله ، ويفضح فصول الظلم التي لحقت بهم ، ومن خلال عدله سيطاع العالم على منهاج أهل بيت النبوة بالحكم ، وسيبهر العالم ، بما يفعله ويقوله ، وفي ذلك إدانة للخلافة التاريخية وإلثقافة التاريخية ، وتطال الأدانة المتشككين أنفسهم.
ومن جهة أخري فإن المتشککين وإلأکثرية الساحقة من العامة مسکونة نفسياً بالرعب ، وبالخوف من قطع العطاء فهي تتصور أن السيف الأموي ما زال مصلتاً فوق الأعناق ، وإن الرعب الأموي ما زال ماثلاً ، هذه هي حالة اللاشعور التي يحيونها في الحقيقة والواقع ، ويتصرفون على هداها ، وتنعکس على کافة أقوالهم وإفعالهم. هذه هي الدوافع وإلأسباب الحقيقية الکامنة وراء تشکيک المتشککين بالاعتقاد بالمهدي المنتظر وبالأحاديث النبوية الواردة فيه ، وما الأسباب الظاهرة التي أعلنوها إلا غطاء مكشوفاً للدوافع والأسباب الحقيقية التي وضحناها.