بنفي الحكم بن العاص ، فنفاه الرسول من المدينة أن الحكم بن العاص عدو لله ولرسوله ، وبقي الحكم منفياً طوال عهد النبي المبارك ، وبعد وفاة النبي راجع عثمان أبا بكر لإعادة الحكم فرفض ذلك أبو بكر ، وبعد وفاة أبي بكر راجع عثمان عمر فرفض ذلك ، ولما آلت الخلافة لعثمان أدخله معززاً ، واتخذ ابنه مروان رئيساً لوزرائه ، ولما مات الحكم أقام عثمان على قبره فسطاطاً تعبيراً عن حزنه وعميق مصابه بموت الحكم [ راجع الإصابة ج ٢ ص ٢٩ ].
استمع المسلمون إلى كافة تحذيرات الرسول مما سيكون!! وتعجبوا كيف يكون ذلك!! وهل يعقل أن تنقض عرى الإسلام كلها!! فأراد الرسول أن يحذر أصحابه أنفسهم ، وأن يضعهم إمام مسؤولياتهم فذكرهم أنه سينتظرهم على الحوض وفاجأهم قائلاً : « ... وليردن عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني ، ثم يُحال بيني وبينهم. [ راجع صحيح بخاري ج ٤ ص ١٤١ كتاب الدعوات وصحيح مسلم ج ٥ ص ١٥٣ كتاب الفضائل والفتح الرباني ج ١ ص ١٩٢ ] ، وفي رواية عن عبد الله : « فأقول يا رب أصحابي!! فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ». [ صحيح البخاري كتاب الدعوات ج ١ ص ١٤١ وصحيح مسلم كتاب الفضائل ج ١٥ ص ١٥٩ ، ورواه أحمد والبيهقي ، راجع كنز العمال ج ١١ ص ٤١٨ ] ، وفي رواية عن أبي هريرة : « فيقال إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى ». راجع صحيح البخاري ج ٤ ص ١٤٢ باب الصراط ] ، وفي رواية عن ابن عباس : « فيقال إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم ». [ راجع صحيح البخاري تفسير سورة الأنبياء ج ٣ ص ١٦٠ ، وصحيح مسلم ج ١٧ ص ١٩٤ ] ، ونادى منادٍ فقال هلم ، قلت : أين؟ قال : إلى النار والله! قلت : ما شأنهم؟ قال : إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم » [ راجع صحيح البخاري ج ٤ ص ١٤٢ كتاب العدعوات باب الصراط ]. هذه التحذيرات التي أطلقها الرسول بمواجهة أصحابه كانت إغلاقاً للدائرة فقد بين كل شيء على الإطلاق ، فمن وعي بيانه تيقن أن الوقائع التي جرت بعد وفاته ، ما كانت إلا ترجمة حرفية ، لكل ما حذر منه ، وباختصار شديد قال رسول الله : « وايم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء ». [ رواه ابن