بتحركاتها ، وبحجم التغير والضرر الذي ألحقته تلك الحركات. بحالة الانسجام العام الذي كان سائداً قبلها. كانت تحركات البطون علنية وغير خافية على أحد لأنها كانت مستندة إلى دعم الأكثرية التي حاربت رسول الله قبل الإسلام ثم أسلمت ، وكانت زعامة البطون تهدف إلى إلزام الرسل بإحداث تغييرات جذرية على الترتيبات التي أعلنها لقياد الأمة طوال عصر ما بعد النبوة!! ولكن هذا الوضوح والمعلومات التي عرفها الجميع عن تحركات زعامة البطون كانت تستند إلى الملاحظة والسمع والمشاهدة ، وتحركات الرسول وتوجهاته لا تستند إلى مثل هذه الأمور ، ولا تصدر بناء عليها وحدها ، لقد كان يعرف عن هذه التحرکات كما كان يعرف غيره وأكثر ، ولكنه كان ينتطر القول الفصل واليقيني من الوحي الإلهي ، وينظر التوجيهات الإلهية لمواجهة مكر البطون وما تدبره وترمى إليه!! ولم يطل انتظار النبي ، فقد جاءه الوحي ، واحاطة علماً بكليات وتفاصيل ما تدبره زعامة بطون قريش ، ثم أمر نبيه بأن يكشف للجميع ما يجري الإعداد له في الخفاء ، وان يبين للجميع بأن نتائجه ستكون مدمرة ، حيث سيدفع الجميع الثمن غالياً لهذا المكر ، لأنه الأسباب لفتنة إذا وقعت لن تنتهي ، بل ستتمادي كلما قيل أنها انتهت. وإن هذه المكر لن يلحق ضرراً بالله وبرسوله ، لأن الله غنى عن العالمين ، بل سيلحق أشد الأضرار بالماكرين أنفسهم وبذرياتهم وبالناس أجمعين ، لأن النتيجة المؤكدة لهذا المكر هي حل عرى الإسلام كلها ، لأن الإسلام يتوقف على عروة الحكم ، فإذا حُلت عروة الحكم يرفع الإسلام عملياً من الحياة ، وستحل بالضرورة كافة عرى الإسلام تبعاً لعروة الحكم ، وينحرف الجميع تماماً عن صراط الله المستقيم ويدخلون في ليل من التيه لا آخر له. وحذر رسول الله المسلمين عامة ، وبطون قريش ومن لف لفها ، وأقام الحجة على الجميع ليهلك من هلك عن بينة ، ولتتضاعف عقوية المجرمين إذا اقترفوا جرائمهم ، لأنهم يقترفونها بالرغم من التحذير ومع سبق الأصرار الترصد والأعظم من ذلك وكما بيّنا في الباب الأول أن الرسول قد سمى قادة الفتن بأسمائهم ، وحذر منهم ، وبين لأصحاب الخطر تفاصيل ما سيفعلونه مستقبلاً ، وحذرهم من فعله ، لقد استبق رسول الله الأحداث قبل وقوعها ، ووصف أفعال المسلمين قبل أن تقع تلك الأفعال ، لأن الله قد زوده