الأرض وما عليها مساً أليماً موجعاً ولم ينج من هذا الظلم أحد ، وخص هذا الظلم آل محمد وأولياءهم خاصة بألوان معينة من المعاناة والألم ، وطريقة تعامل دولة المهدي مع الظالمين ، لها طابع خاص مختمر من التجربة التاريخية على اعتبار ان الظالم لا دين له ولا أخلاق ، ولا يعرف الإحسان أو المعروف ، فقد قال النبي لاعدائه الذين ظهر عليهم يوم فتح مكة : « اذهبوا فأنتقم الطلقاء » وبدلاً من أن يذخروا إحسان النبي ومعروفه بالعفو الشامل عن جرائمهم تنكروا له وتآمروا عليه وبعد موته قتلوا أبناءه وذريته ، المهدي استفاد من عبرة التاريخ فعندما يخرج الإمام المهدي لن يخرج معه من العرب أحد [ الحديث ١١١٩ ] ، مع هذا فهو لايجبرهم على الخروج ، ولم يؤيده من قريش أحد ، ومع هذا هو لا يتعرض إليهم ولا يجبرهم على تأييده ، بل ولا يسألهم أن يخرجوا معه أو يؤيدوه ، ولكن عندما يعلم بأن قريش قتلت وإليه وعامله يقتل منهم ١٥٠٠ أو ثلاثة آلاف رجل صبراً دون ان يرمش له جفن ، ولا يترك من قريش إلا أكلة كبش!! قد يبدو أن هذه العقوبة قاسية لكنها عادلة إذا ما عرفت حجم جرائم بطون قريش ، فقد قاومت النبي وحاربته طوال مدة ٢١ عاماً ، ولما أًحيط بها اضطرت مكرهة لإعلان إسلامها ، فعفى الرسول عنها وقبل موت الرسول وبعد موته مباشرة استولت بالقوة على ملك الرسول وقادت المسلمين إلى النحراف ، وحلت عرى الإسلام ومهدت للظلمة والجبابرة وخرجتهم من مدرستها ، وجعلت من عباد الله عبيداً للظالمين بنفس الوقت الذي کانت تلبس فيه الجبة الإسلامية ، إنهم مجرموا حرب لم يعرف التاريخ البشري جرائماً بحجم وبشاعة جرائمهم فعقوبة الإمام المهدي مع قسوتها عادلة.
والخلاصة إن اصرار الإمام المهدي على التخلص من الظالم والجبابرة أعوانهم يعكس طبيعة دولة آل محمد الملتزمة التزاماً مطلقاً بتحقيق أهدافها وغاياتها والتي لا تحيد عن تحقيق هذه الأهداف ، لأنها دولة هدف وغاية ولا يكفي منها أن تبذل الجهد والعناية ، انما يتوجب عليها وجوباً لا عذر معه تحقيق هذه الغايات. لأن الله تعالى وعد الإمام المهدي بالدعم الكامل والمطلق لتحقيق الغايات إنجاز المهمات التي كلفه الله بتحقيقها وإنجازها وإذا أراد الله أمراً فلا