٣ ـ المؤمنون الصادقون الذين والوا رسول الله ، وآله ، ورافقوا في عسره ويسره وبذلوا له ولدينه النفس والنفيس ، وجاهدوا في الله حق جهاده حتى نصرالله نبيّه ، وأعز دينه ، وقامت دولة النبوة على أكتافهم ، هؤلاء المؤمنون الصادقون قد استبعدوا تماماً بعد موت النبي ، وحرموا من تولى الوظائف العامة ، ومن نشر علوم النبوة ، وعزلوا عزلاً تاماً عند الناس وأصبحوا موضع شبهه ، وصاروا غرباء بالوطن الذي بنوه حجراً فوق حجر ، وأعداء بمقاييس الدولة الجديدة التي بنوا أساسها بالعرق والدم بحجة موالاتهم لآل محمد!!!
أما الذين قاوموا الرسول ، وعادوه قبل الهجرة ، وتامروا على قتله وحصروا الهاشميين وقاطعوهم ، ثم جندوا الجيوش وحاربوا النبي بعد الهجرة ، وقادوا جبهة الشرك ، ورموا النبي بكل سهم في كناناتهم حتى أحيط بهم فاستسلموا واضطروا مكرهين لاعلان إسلامهم ، واخفوا تركة الصراع الهائل والمرير والطويل الذي دار بينهم وبين رسول الله!
بعد موت النبي مباشرة صاروا هم أركان دولة الخلافة وهم الأمراء ، هم الأساتذة ، وهم أصحاب الأمر والنهي ، ومن بيدهم السلطة الفعلية يتصرفون بالجاه والأموال والنفوذ على الوجه الذي يريدون بلا حسيب ولا رقيب ، ويمكنون لانفسهم في الأرض تحت سمع وبصر الخليفة الغالب ، المغلوب على أمراه ، ولكنه لا يريد الاعتراف بالحقيقة ، كان كل واحد من قادة جبهة الشرك السابقين يتصرف بولايته تصرف المالك بملكه ، ويضع البرامج والمناهج التربوية والتعليمية التي يراها مناسبة ، لاحداث التبديل والتغيير ، بما يخدمه ويرغم أنوف خصومه وهم أهل بيت النبوة ، وقدامى محاربي الإسلام!! ورموزه وأعلامه الذين حرموا من تولى الوظائف العامة ، واستبعدوا بالكامل!!
وعندما سئل الخليفة الثاني عن هول ما جرى ، وعن سر استخدامه للمنافقين والفجار ، وتركه لأولياء الله ورسوله؟ قال : « إننا نستعين بقوتهم وإثمهم على أنفسهم وقد وثقنا ذلك!!! فالمنافقون والفجار هم العناصر الوحيدة التي تملك القوة والقادرة على إدارة ملك الخليفة!!! أما أهل بيت النبوة ، والسابقون في الإيمان وقدامى المحاربين الذين هزموا بطون قريش وركعوا العرب كلها فليست