الزهراء ، وقد ترقب العباسيون ولادته يوماً بيوم حتى يقتلوه ، لأنهم قد عرفوا أنه المهدي المنتظر ، ولكن الله سبحانه وتعالى نجّا الطفل وغيّبه بالفعل ليحفظه ، وليهيء الأسباب لاقامة دولته العالمية ، ثم يظهره. ويؤيد ما ذهبنا إليه ما جاء بسفر التكوين ١٧ / ٢٠ : « وأما إسماعيل فقد سمعت قولك فيه ، وها أنا أباركه وأنميه ، وأكثره جداً جداً ، ويلد اثني عشر رئيساً ، واجعله امة عظيمة » ومن المسلم به أن رسول الله محمد من نسل إسماعيل ، وأن عمداء أهل بيت النبوة الاثنى عشر هم ذرية النبي وعصبته ، وأنهم أعلام الأمة وورثة علمي النبوة والكتاب ، فإذا لم يكن هؤلاء العمداء هم الرؤساء المعنيون ، فمن هم الرؤساء إذن؟ ومن هو الأولى منهم بالنبي ، أو الأقرب إليه منهم؟ بل ومن هم ورثته غيرهم؟ قد يقول قائل ربما كان المقصود من الاثنى عشر رئيساً « الخلفاء » الذين تعاقبوا على رئاسة دولة الخلافة التاريخية ، وحسب تسلسلهم الزمني!! وهذا غير معقول لأن بعضهم قد هدم الكعبة ، واستباح المدينة المنوّرة أموالاً وأعراضاً واعلن كفره جهاراً ونهاراً ، وبعضهم قد نفذ خطة لإبادة المؤمنين الصادقين!! فهل يعقل أن يعد الله سيحانه وتعالى برئاسة مثلهم ، وأن يباركهم ، ويعتبر رئاستهم منّة ونعمة!! وقد يقال أن الاثنى عشر هم الصفوة المنتقاة من الخلفاء التاريخيين!! ولكن ما هو الدليل على ذلك؟ ومن هم المخوّل بانتقائهم؟ ثم إنا لو وزنَّا الخلفاء التاريخيين بموازين الشرع الحنيف لما صمد منهم ربع هذا العدد!! وقد يقال بأن الرئيس هو الملك فعلا!! لقد كان النمرود ملكاً كان إبراهيم مواطناً في مملكته!! فمن هو العظيم والرئيس بالمعايير الشرعية هل هو إبراهيم أم النمرود الطاغية!!! لقد عاصر كل الأنبياء ملوكاً بيدهم الحول والطول فهل كان الملوك هم الرؤساء العظماء ، وهل كان الأنبياء عامة!! إن العبرة بالرئاسة هي الأهلية والمرجعية الشرعية فالأنبياء ، والاولياء هم الرؤساء الذين اختارهم الله وفقاً لموازين عدله وفضله ، والملوك المتجبرون هم الذين فرضوا أنفسهم على العباد بالغلبة والقهر فخرجوا وأخرجوا الناس من دائرة الشرعية والمشروعية الإلهية.
وما يعنينا في هذا المقام هو حتمية الصلة بين الرؤساء الاثنى عشر من نسل إسماعيل الذين وعد الله بهم وبين أئمة أهل بيت النبوة الكرام. ويعنينا أيضاً هو النصوص الواردة بالاسفار بان الله سبحانه وتعالى قد غيب الرئيس الثاني عشر