وعهد إليهم ببيان القرآن خلال الفترة الواقعة بين موت النبي وقيام الساعة. فكل واحد من هؤلاء الاثني عشر مخول ومؤهل ليكون المختص الوحيد لبيان القرآن وقيادة العالم في زمانه.
فالقرآن كمعجزة بيانية باقية ببقاء الحياة الدنيا ، له أسلوبه البياني الخاص ، فكلمة الصلاة يعرفها جميع البشر بأنها تُعني الدعاء ، وقد تكررت هذه الكلمة في القرآن الكريم عشرات المرات ، دون تفصيل ولا بيان محدد لما ينبغي أن يقال فيها ، لقد ترك القرآن كافة هذه الأمور والتفصيلات لبيان النبي ، ويعتقد كل المؤمنين أن الله تعالى هو الذي أوحى للنبي وعلمه كافة هذه الأمور.هذا حال الصلاة وهي عماد الدين ، ويقال مثل ذلك عن الزكاة والحج والصوم والشهادة ، وهي أركان الإسلام ، وكل ما يحتج به المسلمون بهذه الامور وأمثالها يسندونه للرسول ، وقد توخى القرآن من ذلك في ما توخى أبراز التكامل والترابط العضوي الوثيق ، بين ما أنزله الله وما بينّه نبيه ، وإبراز الخط العام المتمثل بأن النبي يوحى إليه ، وهو يتبع ما يوحى إليه تماماً ، وأن طاعة الرسول كطاعة الله ، ومعصية الرسول كمعصية لله ، وموالاة الرسول كموالاة الله ، واتباع أوامر الرسول تماماً كاتباع أوامر الله ، ومخالفة أوامر الرسول هي مخالفة لأوامر الله ، هي تهدف في ما تهدف لخلق حالة نفسية عند المسلمين تقر بتميز الرسول ، أو القائم الشرعي مقامه بعد وفاته كشخص مختص بالبيان ، وأن مكانته لا ترقى إليها مكانة ، وأن علاقتهم به هي التجسيد العملي لعلاقتهم بالله سبحانه وتعالى ، فكل قول دون قوله ، وكل مكانة دون مكانته ، وكل فهم دون فهمه ، يتجاوز قول النبي وفهمه أو أمره ونهية ، ومن يعتقد أن « اجتهاده » أو رؤيته للأمور الدنيوية ، أو الأخروية هي أقرب للصواب مما بين النبي ، فهو منحرف وضال كائناً من كان ، صحابياً أم خليفة. ثم إن تسليم مفاتيح بيان ما أُنزل من بعد النبي إلى الأئمة الأعلام من أهل بيت النبوة الذين ورثوا علمي النبوة ، فيه إبراز لمكانتهم ، وتقديم لقولهم وفهمهم على كل قول وفهم ، لإن الواحد منهم لا يقول برأيه ، فإذا حدث فإنما يحدث بحدود علمي النبوة ، والكتاب ، وبنفس الوقت تأكيد نفسي لاستمرار وجود النبي ، لأنهم بنوه وأحفاده.