الأخرى ، وغير عقليتهم ، ووسع أفقهم ، وإدخال المطالعة والمحفوظات والإنشاء أوجد من أهل الأزهر عددا كبيرا من الكتاب والشعراء ، ومكن لهم من القدرة على الخطابة والوعظ.
وهذه الفائدة التي أفادها القانون رقم ١٠ لسنة ١٩١١ تعد ضئيلة بجانب الضرر الذي نجم عنه ، فقد اضطر الطلاب ليفوزوا بالنجاح في الامتحان التحريري إلى أن يعتمدوا على الحفظ والاستظهار ، واستهانت المعاهد بالامتحان الشفوي.
وقد شعر المهيمنون على التعليم في الأزهر منذ وضع ذلك القانون بأن الأزهر أخذ يفقد أهم خصائصه ومميزات تعليمه ، ولم تخل تقارير المفتشين في سنة من السنوات من الشكوى من اعتماد الطلبة على الاستظهار ، ومن ضعف ملكاتهم العلمية. وقد توالت على هذا القانون تعديلات آخرها التعديل الذي أدخل عليه بالقانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٣٠ وهو أظهر تعديل طرأ عليه ، ففي هذا القانون قسم التعليم العالي إلى ثلاث كليات : واحدة لعلم أصول الدين ، وثانية لعلوم الشريعة ، وثالثة لعلوم اللغة العربية ، وأوجد تخصصا سمى تخصص المادة ، وآخر سمي تخصص المهنة.
وقد كان الغرض من هذا تفرغ كل طائفة من التلاميذ في التعليم العالي والتخصص لطائفة من المواد الكثيرة التي كانت تدرس مجتمعة حتى يتيسر إتقان الدرس والفهم ، وإتقان التحصيل. ومع هذا ظلت الشكوى قائمة ، وظهر أن الداء الذي يجب أن يحسم ويستأصل هو ضعف الطلبة في القسم الثانوي بسبب كثرة المواد ، وبسبب طول المناهج في بعض المواد التي لا يحتاج الطالب في الأزهر إلى طول المناهج فيها. فهذه الكثرة وهذا الطول لم يدعا وقتا لفهم الدروس وتمثيلها ، ولم يدعا وقتا لطول التفكير والبحث والجدل ، وتنمية ملكات العلوم والاستنباط (١)
__________________
(١) كان الشيخ المراغى في آخر مشيخته الأولى وقد وضع مشروع قانون الاصلاح الأزهر ، وتقدم