وقد حدد قانون سنة ١٩٣٦ المقاعد العلمية للجماعة بثلاثين كرسيا ، وشرط لاختيار أعضائها شروطا كثيرة ، أهمها أن يكون العضو الذي يرشح لها من العلماء الذين أسهموا في الثقافة الدينية بنصيب في الأزهر أو في خارجه وأن يقدم رسالة علمية في أية ناحية من نواحي البحث تظهر فيها صبغة الجدة والابتكار.
إن رسالة الجماعة عظيمة خطيرة ، فعليها أن تعني بالتراث الإسلامي لعلمائنا الأمجاد ، وأن تقوم بإخراجه للناس سائغا جميلا ملائما لعقولهم ومناهجهم الحديثة في البحث والتفكير ، وعليها ألا تقف عنده وتحافظ عليه فقط ، ولكن عليها أن تبني على أسسه ، وأن تسير على امتداده ، وأن تتابع الحركة العلمية في مصر وسواها من الأقطار ، وأن توجهها وتؤثر فيها ، وتسير بها إلى غاياتها المثلى المنشودة.
تلك رسالة الجماعة ، أما حاضرها على ضوء رسالتها فهو حاضر ينبغي أن يتغير لتستطيع الجماعة أن تخدم التراث الإسلامي ، كما يجب أن يكون صوتها قويا مسموعا في حياتنا الفكرية الصاخبة.
لقد كثر نقد الباحثين والمفكرين للجماعة ، وكثر تساؤلهم عن انتاجها وعما أدته من الواجبات الخطيرة التي وضعت في عنقها وقامت لأجلها ، وسرى هذا التيار من خارج الأزهر إلى داخله ، فلفت الرأي العام الأزهري أذهان المفكرين من رجال الأزهر إلى ذلك. وإن يعين الجماعة على أداء رسالتها ألا تحرم أولى الكفايات ، وأن تفتح أبوابها لهم حتى تجنى الأمة والأزهر ثمار هذه الجماعة ، ويشعر الرأي العام بفائدتها وأثرها في الحياة ، وحتى تسير الجماعة إلى غاياتها السامية ، وتخطو إلى مستقبلها المجيد ، وتؤدي للعالم والدين ما ينتظر منها أن تؤديه من خدمات (١).
وأخيرا حققت الآمال العظيمة التي طمح إليها دعاة الإصلاح في مصر
__________________
(١) من مقالة طويلة نشرتها في البلاغ عام ١٩٤١