وبخاصة من الشيخ حسونة النواوي ، والشيخ عبد الكريم سلمان الذي كان عضدا قويا للأستاذ الإمام في حركات إصلاح الأزهر ، ووافق عليها المجلس واختار المكان المناسب ، وكتب لديوان الأوقاف الذي كان يتولى الاشراف على شئون الأزهر لاعداده للمهمة التي أختير لها ، فنفذت الفكرة فعلا من أول سنة ١٨٩٧ م الموافق شعبان سنة ١٣١٤ ، وقد لاقى صاحب الفكرة عناء عظيما في إقناع أهل الأروقة بفائدتها ، ورغم ما بذله من المحاولات في هذا السبيل فقد امتنع أهل بعض الأروقة عن ضم مكتباتها إلى المكتبة العامة كرواق الأتراك ورواق المغاربة ، وقد ضمت مكتبة الصعايدة إلى المكتبة العامة سنة ١٩٣٦ ، ولاقي المباشرون للتنفيذ صعوبات جمة في ترميم الكتب وإصلاحها وترتيبها للحالة السيئة التي كانت عليها في خزائن الأروقة كما أسلفنا .. ويصور الشيخ عبد الكريم سلمان هذه الصعوبات كلها ، فيقول :
«حملت تلك الكتب من خزائنها إلى المكان الجديد ، فكان يأتي بها أولئك المغيرون محشوة في الزكائب والمقاطف ، ثم يفرغونها تلالا وأكواما عليها خيوط العناكب وبينها الأتربة ، ويتخللها الجلود البالية ، وليس بينها من كتاب سليم مستقيم الوضع إلا ما لا يكاد يذكر ، وبجانبها أولئك الموظفون المكلفون بجمعها وترتيبها وأعضاء المجلس والأمين يراقبون عملهم ويرشدونهم إلى الطريق الأقوم ، فعملوا وأكدوا وأستخلصوا من بين هذه الدشوت والأوراق المتفرقة كتبا معتبرة في كل الفنون ، وكان معهم مندوب من ديوان الأوقاف وموظف آخر نيط به تقويم كل كتاب وجد أو جمع بالثمن اللائق به ، وقيدت في دفاتر بأعداد متسلسلة ، واستلمها الأمين بأثمانها المقدر لها ، ثم اشتغلوا بعد ذلك في توحيد الفنون ، وقرروا لكل فن موضعا مخصوصا من المكان ، وقد استغرق عملهم هذا أزمانا طوالا كانت كلها أتعابا ومشاقا ، وإني لأعرف كتبا كثيرة مما نجده الآن كاملا كان الكتاب الواحد منها بعضه في خزانة فلان ، وبعضه الآخر في خزانة فلان ، وباقيه في خزانة فلان. ولم تجمع أجزاؤه بعضها على بعض إلا بطريق المصادفة