في ذلك كتابا شهيرا أسماه : ـ المرشد الأمين في تربية البنات والبنين ـ
تبدأ السيرة العطرة للمصري الفذ رفاعة الطهطاوي في صعيد مصر ، حينما ولد في طنطا عام ١٨٠١ في أسرة متواضعة الحال ، وجاء إلى القاهرة صغيرا ليتخرج في الجامع الأزهر وينتهز فرصة تعيينه اماما لأول بعثة تعليمية أرسلتها مصر إلى فرنسا فيتعلم الفرنسية ويتقنها ، وبعد عودته يعمل مترجما في المدارس الفنية التي أنشأها محمد علي قبل أن يعين مديرا لمدرسة الترجمة وإلى تغير اسمها لمدرسة الألسن فيما بعد ، والمؤرخ لتاريخ الصحافة العربية يضع رفاعة وأعماله الصحفية في الصدارة .. فالرجل وجد في الصحافة منبرا شعبيا وسلطة كبيرة لها خطرها كما لمس حوادث الثورة الفرنسية عام ١٨٢٠ الأمر الذي جعله يأخذ على عاتقه مهمة التجديد في الصحافة التي لم تكن وقتئذ سوى نشرات رسمية ، وحينما صدرت جريدة ـ الوقائع الرسمية ـ ظل رفاعة مشرفا عليها لمدة ثماني سنوات في الفترة من عام ١٨٤٢ حتى عام ١٨٥٠ بعد أن كلفه محمد علي بالإشراف على القسم الأدبي فيها ، خاصة وأن جزءا كبيرا منها كان يحرر بالتركية ، وبعد الوقائع نولى رئاسة تحرير مجلة ـ روضة المدارس ـ عام ١٨٧٠ .. وكانت لرفاعة الطهطاوي نظرات في السياسة مثلما كانت له نظرات في التربية والاجتماع ، وآراؤه السياسية موزعة بين كتبه العديدة : ـ تخليص الابريز ، والمرشد الأمين ، وأنوار الجليل ، ومناهج الألباب المصرية وغيرها وكان فيها جميعا متأثرا بالعلوم السياسية الفرنسية وليس أدل على ذلك من ترجمته للديوان الفرنسي .. ولم يعش الطهطاوي ليرى بنفسه ثمرات جهوده في بناء الوعي السياسي في مصر فرحل عام ١٨٧٣ بعد أن سجل إسمه في مقدمة قادة نهضة مصر الحديثة في القرن ١٩.