ـ ١٢ ـ
وبعد فهذا هو الأزهر ، وهذه صورة للمدارس العلمية التي كانت سائدة فيه طيلة عشرة قرون.
الأزهر العظيم الذي وصفه المقريزي بأنه دار الإسلام ، وأن الزائر له يجد فيه من الأنس بالله والارتياح له ونزوع النفس إليه ما لا يجده في غيره.
وحينما وفد ابن خلدون من تونس إلى القاهرة للإقامة فيها هاله أمر القاهرة ومسجدها العظيم وجامعتها الكبرى فقال مشدوها. انتقلت إلى القاهرة فرأيت محشر الأمم وإيوان الإسلام وكرسى العلم وحاضرة الدنيا ـ (نفح الطيب للمقري ٣ / ١٣٣). وروى ابن خلدون عن قاضي الجماعة بفاس : من لم ير القاهرة وأزهرها لم يعرف عزة الإسلام.
وحين وصف ابن بطوطة مصر قال : إنها أم البلاد وإن قاهرتها قهرت الأمم.
وفي عصرنا كتب أمير الشعراء أحمد شوقي في صحيفة الأخبار القديمة عدد اليوم السادس من سبتمبر ١٩٢٤ يقول : سأظل فخورا بأن من أساتذتي شيوخا من صميم الأزهر الشريف وكبار علمائه. ولقد سد الأزهر فراغا كبيرا في التعليم في مصر والبلاد الشرقية جميعا.
وحين زار سعد زغلول الأزهر عام ١٩٢١ بعد عودته من منفاه لاداء صلاة الجمعة فيه خطب في علمائه وطلابه ، فقال فيما قال :
«جئت اليوم لأودى في هذا المكان الشريف فريضة صلاة الجمعة ، وأقدم واجب الاحترام لمكان نشأت فيه ، وكان له فضل كبير في النهضة الحاضرة ؛ وتلقنت فيه مبادىء الحرية والاستقلال ..» ـ ص ٦١ سعد زغلول العقاد ـ