وجلسا في صدر المكان ثم جاءت حاشية الأمير وشغلته عن الشيخ ، فبادره الشيخ يقول له «غضبك ورضاك سواء ، بل غضبك خير من رضاك» وقام الشيخ ، وقام الأمير يحاول إعادة الشيخ الى مكانه معتذرا إليه ، فرفض الشيخ.
ومرت الأيام ، وركب الشيخ في ليلة من ليالي رمضان ، مع شيخه الشيخ حسن الجبرتي ، والد المؤرخ الكبير ، وقال الشيخ حسن الجبرتي له اذهب بنا إلى علي بك نسلم عليه فقال الصعيدي : يا شيخنا انا لا أدخل ، وقال الجبرتي : لا بد من دخولك معي ، فلم تسعه مخالفة شيخه ، ودخلا على الأمير ، وكان مصادفة عجيبة ان الأمير مات في تلك الليلة ، فاستبشر أهله بالمغفرة له لزيارة الشيخين له.
وكان الشيخ الصعيدي من بني عدي وتلقى العلم على كبار الشيوخ في الأزهر من مثل الديربي ، والملوي ، وإبراهيم شعيب المالكي ، والحنفي ، وسواهم وتصدر حلقات العلم في الأزهر الشريف شيخا جليلا وقورا مهيبا ، في أدب وتواضع واكباب على الدرس والبحث. فأفاد وأجاد وصار له تلامذة ومريدون. وتخرج على يديه أجيال من العلماء من بينهم القلعي ، والفرماوي ، والدردير ، والجناحي وغيرهم ، وكلهم ممن لهم مكانتهم العلمية في الأزهر.
وكان الصعيدي من الراسخين في العلم ، والمبرزين فيه. فقد عاش منقطعا له ، مستزيدا منه ، محصلا لمسائله ، غيورا على الدين وأهله ومن فتاواه تحريم شرب الدخان ..
وكان الشيخ يتردد على محمد بك أبي الذهب يعظه ويذكره بالله ويخوفه من بطشه ، وكان يمسك بيدي ابي الذهب ويقول ما أحسنهما لوسلمتا من عذاب جهنم وأرجو ان يغفر الله لك ذنوبك ، ويتجاوز عنك.
وكان مريدو الشيخ وتلاميذه كثيرين ، وكانوا لا يملون دروس الشيخ ومجالس علمه ووعظه. ويقبل عليه الطلاب والعامة وجماهير المتعلمين