ويعتبر رفاعة الطهطاوي ـ رائد الفكر وإمام النهضة الحديثة في القرن التاسع عشر ـ أنجب تلاميذ حسن العطار ، فأحبه الشيخ لما أنسه فيه من الذكاء والانكباب على العلم ، وقربه إليه ، وحفه برعايته ، وكان التلميذ رفاعة يتردد على شيخه كثيرا في بيته ويأخذ عنه العلم والأدب والجغرافيا والتاريخ ، ولما كان العطار ميالا بطبعه الى العلوم العصرية ، ولا يرى الانحصار في دائرة كتب الشرع فحسب ، فقد أودع هذا الميل في نفس تلميذه رفاعة الطهطاوي ، مما أهله بعد ذلك ليكون إماما للبعثة العلمية في باريس ، ومما فتح ذهنه إلى البحث وسلامة التفكير والاسهام في نقل العلوم عن الغربيين حتى يفيد منها اهل وطنه ، وهنا يظهر فضل العطار على الطهطاوي فهو أول من وجهه إلى الاغتراف من موارد العلم والأدب. وهو أول من دله على قيمة العلوم العلمية الطبيعية وضرورتها بما لا يقل عن أهمية العلوم الشرعية.
والشيخ العطار من القلائل الذين جمعوا بين التدريس في الأزهر ـ في اول عمره ـ ومشيخة الجامع الأزهر في ختام حياته ، وكان حلقته بالأزهر تغص بالطلاب ، فكان العلماء يتركون حلقات غيره ويتكاثرون على حلقته يستمعون. ولا شك أن تحرر الشيخ العطار الفكري وبعده عن الجمود ، ودعوته الجديدة الى الأخذ بالعلوم الحديثة مع الاهتمام بالعلوم القديمة ، قد جذب إليه الطلاب من كل فج ، ، وهداهم إلى مجلسه في أثناء تدريسه بالأزهر ، ويستوي في ذلك مقامه بمصر أم بالخارج ، ففي مقامه بدمشق لفت إليه أنظار طلبة العلم هناك (فتلقاه اهلها بما لاق ، وعقدوا على تفوقه وتفرده بالفضائل كلمة الاتفاق).