٢ ـ كتبت دور الاستشراق عن الطنطاوي كتابات طويلة ، ونوهت بدوره الفعال في خدمة اللغة العربية ، ووصفت أعماله العجيبة وصفا رائعا ، وسجلت دوائر المعارف العالمية الكثير من المعلومات عنه.
وعكف كراتشكوفسكي شيخ المستشرقين الروس عشر سنوات لكتابة دراسة عنه ، وأخيرا ألف بالروسية كتابه الرائع «حياة الشيخ محمد عياد الطنطاوي (١) ، الذي عهد المجلس الأعلى للفنون والآداب في الجمهورية العربية المتحدة إلى السيدة كلثوم عودة. وهي عربية فلسطينية مقيمة في روسيا ، بترجمته الى العربية ، وعهد إلى الأستاذين : عبد الحميد حسن ومحمد عبد الغني حسن بمراجعة النص العربي وتحقيقه والتعليق عليه ، ثم قام بنشره عام ١٣٨٤ ه ـ ١٩٦٤ فجاء سفرا نفيسا في نحو ١٨٠ صفحة ؛ ولكنه يمثل جهادا عليا جليلا في الكشف عن حياة الطنطاوي ومواهبه وآثاره وثقافته ، وفي تفصيل خدماته للاستشراق والمستشرقين في القرن التاسع عشر.
لقد تناولت الكتاب لقراءاته ، فاذا بي أمام بطولة علمية حقة ، قام بها كراتشكوفسكي ، من أجل تسجيل حياة مواطن عربي ، مصري ، أزهري ؛ اعترافا بفضله على الثقافة الاستشراقية في العصر الحديث ...
وكنت أقرأ الكتاب وكأنني امام أحداث مصورة ؛ كل الألوان والظلال والسمات ، وكل خطوة خطاها هذا العالم الأزهري الخالد ، منذ ميلاده حتى وفاته ، وكل حدث علمي أو فكري أسهم فيه ؛ قد أبرزه كراتشكوفسكي بصورة زاهية أمينة ، معتمدا على كثير من المصادر والمخطوطات وسجلات المستشرقين ومؤلفاتهم ؛ وعلى مجموعة الشيخ محمد عياد الطنطاوي
__________________
(١) لكراتشكوفسكي دراسة عن الوأواء الدمشقي ، وعدة دراسات أخرى وهو الذي نشر كتاب البديع لابن المعتز وكان كتابه عن الطنطاوي أحب كتبه إلى نفسه وتوفي كراتشكوفسكي بعد الحرب العالمية الثانية بعد ان أنقذ مخطوطات مكتبة ليننجراد من الدمار الذي لحق بالمدينة في الحرب العالمية الثانية.