الحنفي من كبار العلماء وهنأه على ما أصاب من توفيق. وما فعل ذلك إلا من شدة إعجابه به ، وإكباره لشأنه ، وتوقعه له حياة علمية تشرف الأزهر والأزهريين ، وقد صدق حدسه ، فإن الأستاذ الدجوي لم يلبث أن ظهرت مواهبه ، وتجلت خصائصه ، فصار مرجعا للمستهدين والمستفتين في جميع البلاد الإسلامية.
ولما أسست المشيخة الأزهرية مجلة الأزهر كان من أول من وقع اختيارها عليهم ليحرروها الشيخ الدجوي رحمه الله ، فكتب فيها البحوث الممتعة في الدين والتفسير والحكمة ، وبقي على موافاتها ببحوثه الى عهده الأخير.
ومن مميزات الشيخ رضي الله عنه أنه كان يأنس الى البحوث النفسية الحديثة في اوروبا ويراها خير أداة لكسر شوكة الماديين ، وقد اعتمد في كتاباته على ما حققوه منها وكان لا يخشى في مجاهرته بذلك لومة لائم.
وقد ترجم له قلم ترجمة مجلة الأزهر كتابه القيم (رسائل السلام) الى اللغة الانجليزية ، فطبعت المشيخة الأزهرية منه عشرة آلاف نسخة بعث كثيرا منها لمن لا يستطيعون فهم العربية وللأجانب الراغبين.
كان مفسر الأزهر ومحدثه ، بل فيلسوفه وكاتبه ، وخطيبه ، كما كان موضع ثقة الجماهير الاسلامية في شتى الأقطار ، تتوارد اليه استفتاءاتهم من جميع الجهات ، وتصلهم مقالاته النافعة بمجلة الأزهر وغيرها من المجلات والصحف العربية والافرنجية ومؤلفاته الممتعة (١).
ومنها كتاب سبيل السعادة الذي ألفه عام ١٩١٢ م في فلسفة الاخلاق الدينية وأسرار الشريعة الاسلامية ، والرد على الطبيعيين ، وقد قرظه امام اللغة المرحوم الشيخ حمزة فتح الله بكلمة طويلة منها : «أحسنت يا شيخ
__________________
(١) من كلمة لنجل الشيخ ـ الشيخ احمد يوسف الدجوي الأستاذ بمعهد القاهرة ـ نشرت في مجلة الأزهر.