المتوفى سنة ٩١١ ه أول درس من دروسه حين أجلس للتدريس ، بحضور شيوخه وكبار القضاة والأفاضل في عهده ، وقد ألقي هذا الدرس في جامع شيخون المسجد المعروف في هذه العاصمة. وفي دار الكتب الأزهرية مخطوطة تجمع مؤلفات ورسائل للجلال السيوطي رحمه الله. وورد في هذه المجموعة أنها بخط المؤلف. ومما حوته هذه المجموعة رسالة جاء في أولها : «تصدير مبارك ألقيته يوم أجلست للتدريس بجامع شيخو ، رحمه الله ، بحضرة شيخنا قاضي القضاة شيخ الإسلام علم الدين البلقيني وجماعة من القضاة والأفاضل ، وذلك يوم الثلاثاء تاسع ذي القعدة سنة ٨٦٧ ه ، وقد مضى من عمري ثمان عشرة سنة وأربعة أشهر وثمانية أيام والحمد لله».
وهذا الدرس الذي ألقاه السيوطي في مفتتح عهده بالتدريس هو في تفسير آية من سورة (الفتح) الكريمة.
وهذا التصدير على صغر حجمه يفيد الباحثين في تطور الدراسات الإسلامية وأساليبها ، وفي الطرق التي كانت تعتمد عليها مدارس المسلمين في إجازة طلابها وتخريجهم ، وقد بدأ المؤلف درسه بذكر المراجع التي طالعها فقال : «طالعت على هذا التصدير الكشاف وتفسير الإمام الرازي وتفسير الإمام ابن العربي والبحر لأبي حيان وأسباب النزول للواحدي وتفسير السجاوندي وينبوع الحياة لابن ظفر وصحاح الجوهري ، والخطبة إلى آخر الصلاة من كلام الإمام الشافعي رضي الله عنه يعني من خطبة ، ، الرسالة ، ،» ... وبعد أن حمد الله بما حمد به الإمام الشافعي في صدر «الرسالة» وصلى على النبي وآله قال : «رضي الله عن السادة الصحابة أجمعين وعن إمامنا الشافعي المطلبي وسائر الأئمة وعن سيدنا ومولانا شيخ الإسلام ووالده شيخ الإسلام وسائر مشايخنا والسادة الحاضرين وجميع المسلمين ، ثم قال : «أما بعد فقد قال الله تعالى : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ، لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ، وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ ، وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً ، وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً).
الكلام على هذه الآية من جهات : الأولى سبب النزول ومكانه