وبتنا بهذه الجزيرة ليلة وركبنا البحر إلى مدينة كلوا (٦٧) ، وضبط اسمها بضم الكاف واسكان اللام وفتح الواو ، وهي مدينة عظيمة ساحلية أكثر اهلها الزنوج المستحكمو السواد ، ولهم شرطات في وجوههم كما هي في وجوه اللّيميين من جناوة (٦٨) ، وذكر لي بعض التجار أن مدينة سفالة (٦٩) على مسيرة نصف شهر من مدينة كلو ، وأن بين سفالة ويوفي من بلاد اللّميين مسيرة شهر ، ومن يوفى يوتى بالتبر إلى سفالة (٧٠).
ومدينة كلوا من أحسن المدن واتقنها عمارة ، وكلّها بالخشب وسقف بيوتها الدّيس (٧١) ، والأمطار بها كثيرة وهم أهل جهاد لأنّهم في برّ واحد متّصل مع كفار الزنوج والغالب عليهم الدين والصلاح وهم شافعيّة المذهب.
__________________
(٦٧) كلوة : ما يعرف في كتب التاريخ البرتغالي تحت اسم (quiloa) هي بالذات كيلوا كيزواني (Kilwa Kisiwani) وتقع اليوم في تانزانيا ، ويبدو أن كلوة أسست في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري العاشر الميلادي من لدن بعض المسلمين الفرس الزيدية ، فكونت مركزا هاما لتصدير الذهب. تقع كلوة على الخط ٥٧ ٨ جنوبا والخط ٣٤ ٣٩ شرقا ، ٣٤٠ ميلا جنوب منبسى ....
(٦٨) ليمي أو لملم هو الاسم الذي أعطاه الجغرافيون العرب للقبائل المتوغّلة في إفريقيا التي يقال أن سكانها ياكل بعضهم بعضا (Les Anthropophges).
INAMNI : the Kilwa civilization in tanganyika Gibb T II P ٩٧٣ ـ Notes ٨٥ Dar es ـ salam ٨٣٩١ ـ MAUNY : Textes ـ ـ ـ P. ٦٢ Note ٥.
وجناوة على ما في مخطوطة الخزانة الملكية ومدريد : الاسم الذي أعطى للقبائل الوثنية جنوب الأراضي الاسلامية في غرب افريقيا والذي سيعرف تغييرا عبر اللسان البرتغالي ثم اللسان الانجليزي حيث يصبح غينيا (Guinea) ـ ويظل اسم گناوة بالجيم المعقدة حاضرا إلى يوم ألسنة المغاربة ـ ابن خلدون : المقدمة طبعة دار الكتاب اللبنانية ١٩٥٦ ـ حول الشرطات على الوجه انظرMAUNY.
(٦٩) سفالة (Sofala) تقع على الخط ١٠ ٢٠ جنوبا والخط ٤٢ ٣٤ شرقا ، وكانت المستودع الأكثر قدما للعرب في افريقيا الشرقية اسسها أحد رجال مقدشو وهي تجتذب الذين يهتمون باستخراج الذهب من داخلها ... وقد خصصها البحار العربي المشهور ابن ماجد بأرجوزة تحمل اسم السّفالية.
ـ د. التازي : ابن ملجد والبرتغال ، سلطنة عمان ، وزارة التراث القومي والثقافة. ١٤٠٦ ١٩٨٦ ص ٥٨ / ٥٩.
(٧٠) (يوفي) هي مقر مملكة النوبة في افريقيا الغربية وهي التي سيتحدث عنها ابن بطوطة في آخر السفر الثاني عند ختام الرحلة ، هذا ويلاحظ أن هناك لبسا وقع فيه ابن بطوطة حيث وجدناه يخلط بين التبر (غبار الذهب) الذي هو من انتاج النيجر (بلاد اللّيميين) وبين الذهب الذي هو من انتاج سفالة. وإن الادعاء بوجود علاقة بين الاثنين يعود إلى استرواح من جانب ابن بطوطة! والجدير بالذكر أن هناك عددا ممن وقعوا في هذا الخلط من المؤلفين القدامى من الغرب وغيرهم ، وهكذا ففي عام ١٦٥٨ م ١٠٦٨ ه كتب تيفنوThevenot حول مملكة تقع جنوب شرق السودان (لوناريا) LE NARIA : في هذه البلاد توجد المناجم التي سيخرج منها الذهب الذي يذهب إلى سواحل سفالة وغينيا ..."
Bilad AI ـ Sudan, trad par Joseph Cuop Os C. N. R. S ٥٨٩١ P. ٠٠٣ N ٤ Mauny : Textes.
(٧١) الديس : القصد إلى الأسل : نبات دقيق الأغصان طويلها ...