ثم سافرنا منها إلى مدينة قيس وتسمى ايضا بسيراف (١٣٨) ، وهي على ساحل بحر الهند المتّصل ببحر اليمن وفارس وعدادها في كور فارس ، مدينة لها انفساح وسعة طيّبة البقعة في دورها بساتين عجيبة فيها الرياحين والأشجار الناضرة ، وشرب أهلها من عيون منبعثة من جبالها ، وهم عجم من الفرس أشراف ، وفيهم طائفة من عرب بني سفّاف (١٣٩) ، وهم الذين يغوصون على الجوهر.
ذكر مغاص الجوهر
ومغاص الجوهر فيما بين سيراف والبحرين في خور راكد مثل الواردي العظيم ، فإذا كان شهر إبريل وشهر مايه تأتى إليه القوارب الكثيرة فيها الغوّاصون وتجار فارس والبحرين والقطيف ويجعل الغوّاص على وجهه مهما أراد أن يغوص شيأ يكسوه من عظم الغيلم ، وهي السلحفاة ، ويصنع من هذا العظم أيضا شكلا شبه المقراض يشدّه على أنفه ، ثم
__________________
(١٣٨) لم تكن سيراف منطقة صغيرة فلقد كانت تمتد نحو ميلين داخل البحر ، وهي تقع على الساحل جنوب الموقع الساحلي الحالي (طاهري) كانت الميناء الأكثر أهمية بالخليج في القرن العاشر على ما نقرأه عند المسعودي (ت ٣٤٦ ٩٥٧) في مروج الذهب ، وقد تعرضت لزلزال عام ٣٦٦ ٩٧٧ ، وتركت تدريجيا لفائدة جزيرة قيس: كيش وقد وجدها ياقوت خرابا عند ما زارها ... وهكذا نلاحظ أن ابن بطوطة ربّما التبست عليه سيراف بجزيرة قيس التي كانت مقرا ـ ابتداء من نهاية القرن السابع الهجري الرابع عشر الميلادي لدولة تجارية أنشأها جمال الدين ابراهيم السواملي سالف الذكر (الدّرر آر ٦١). وقد انتزعت المدينة من المنحدرين من السواملي عام ٧٣١ ١٣٣١ ، انتزعها منهم تهمتن روبرت جيران لاندن : عمان ، ترجمة محمد أمين عبد الله وزاره التراث القومي والثقافي ١٩٦٦ ـ راجع التعليق ١٢٩.
(١٣٩) بنو سفاف قبيلة عربية يرجع أصلها لعمان؟ أقامت على ساحل إقليم فارس Fars الذي كتب عنه بعض الجغرافيين العرب.