الجرميان (٣٥) يذكر انهم من ذرّية يزيد بن معاوية ولهم مدينة يقال لها كوتاهية فعصمنا الله منهم.
ووصلنا إلى مدينة لاذق ، وهي بكسر الذال المعجم وبعده قاف ، وتسمّى أيضا ذون غزله(٣٦) ، وتفسيره بلد الخنازير ، وهي من أبدع المدن وأضخمها ، وفيها سبعة من المساجد لإقامة الجمعة ولها البساتين الرائقة ، والأنهار المطرّدة ، والعيون المنبعة ، وأسواقها حسان ، وتصنع بها ثياب قطن معلمة بالذهب لا مثل لها ، تطول أعمارها لصحّة قطنها وقوّة غزلها ، وهذه الثياب معروفة بالنسبة إليها ، وأكثر الصنّاع بها نساء الروم ، وبها من الروم كثير تحت الذمّة ، وعليهم وظائف للسلطان من الجزية وسواها.
وعلامة الروم بها القلانس الطوال ، منها الحمر والبيض ونساء الروم لهنّ عمائم كبار ، وأهل هذه المدينة لا يغيّرون المنكر بل كذلك أهل الاقليم كلّه ، وهم يشترون الجواري الروميّات الحسان ويتركونهنّ للفساد ، وكلّ واحدة عليها وظيف لمالكها تؤدّيه له ، وسمعت هنالك أنّ الجواري يدخلن الحمّام مع الرجال ، فمن أراد الفساد فعل ذلك بالحمّام من غير منكر عليه ، وذكر لي انّ القاضي بها له جوار على هذه الصورة!
وعند دخولنا لهذه المدينة مررنا بسوق لها فنزل إلينا رجال من حوانيتهم واخذوا بأعنّة خيلنا، ونازعهم في ذلك رجال آخرون ، وطال بينهم النزاع حتّى سلّ بعضهم السكاكين ، ونحن لا نعلم ما يقولون ، فخفنا منهم وظنّنا أنّهم الجرميان الذين يقطعون الطرق ، وان تلك مدينتهم ، وحسبنا أنّهم يريدون نهبنا ، ثم بعث الله لنا رجلا حاجّا يعرف اللسان العربيّ فسألته عن مرادهم منّا ، فقال : إنهم من الفتيان وان الذين سبقوا الينا أوّلا هم أصحاب
__________________
(٣٥) الجيرميان أوغلو : هم وحدهم الذين لن يزور ابن بطوطة مملكتهم التركمانية ... المعلومات التي قدمها ابن بطوطة يظهر أنها مستمدة من بعض الأمراء الذين يواجهون عدوان (الجيرميان أوغلو) الذين كانت قاعدة مملكتهم في الوسط الغربي : كوتاهية (KUTAHYA) لا منفذ لهم إلا عن طريق الإمارات المجاورة (انظر الخريطة) ، ويؤكد العمري ما يتحدث به ابن بطوطة من عدوان الجيرميان أوغلو ـ انظر دائرة المعارف الإسلامية مادةGermianoghiu.
(٣٦) لاذق أصلا هي المدينة العتيقة التي تحمل اسم لوذيكيةLAODICAEA ، وقد تحول هذا الاسم إلى لاذق عند افتتاحها ـ تقع على بعد خمسة كيلومترات شمال Denizli.
ـ أما عن اسم (دو نغزله)(DONGOUZLOU) فهو مركب من أصل تركي دونوز (Dunuz) مع لاحقة (Lu) : دونوزلو ، وقد كان هذا الموقع يتوفر على المياه والهضاب حتى لكان يدعى أحيانا دمشق" الأناضول" وكانت لبعض الوقت يقع عليها الاختيار من لدن إيلخان غازان خان ليتخذ منها منزلا صيفيا ... حيث كان اسمها يكتب على نفس ما نراه اليوم : دون غزله ـ انظر تعليق الاثنين.D.S ص ٤٥٦ رقم ٢٧١.