يومئد (١١٢) ووصلنا إلى قرية كبيرة تعرف (١١٣) بصرماء وبها زاوية فيها الطعام للوارد والصادر عمرها خواجه كافي المذكور ثم سرنا منها إلى يزد خاص (١١٤) ، وضبط اسمها بفتح الياء آخر الحروف واسكان الزاي وضم الدال المهمل وخاء معجم والف وصاد مهمل ، بلدة صغيرة متقنة العمارة حسنة السوق ، والمسجد الجامع بها عجيب مبني بالحجارة مسقّف بها ، والبلدة على ضفّة خندق، فيه بساتينها ومياهها وبخارجها رباط ينزل به المسافرون عليه باب حديد وهو في النهاية من الحصانة والمنعة ، وبداخله حوانيت يباع فيها كلّ ما يحتاجه المسافرون.
وهذا الرباط عمّره الأمير محمد شاه ينجو والد السلطان أبي إسحاق ملك شيراز ، وفي يزد خاص يصنع الجبن اليزد خاصي ولا نظير له في طيبه ووزن الجبنة منه من أوقيتين إلى أربع.
تم سرنا (١١٥) منها على طريق دشت الروم (١١٦) ، وهي صحراء يسكنها الأتراك ، ثم سافرنا إلى مايين (١١٧) واسمها بيائين مسفولتين أولاهما مكسورة ، وهي بلدة صغيرة كثيرة الأنهار والبساتين حسنة الأسواق ، وأكثر أشجارها الجوز.
ثم سافرنا منها إلى مدينة شيراز وهي مدينة أصليّة البناء ، فسيحة الأرجاء ، شهيرة الذكر ، منيفة القدر ، لها البساتين المونقة ، والأنهار المتدفقة ، والأسواق البديعة ، والشوارع الرفيعة ، وهي كثيرة العمارة متقنة المباني ، عجيبة الترتيب ، وأهل كل صناعة في سوقها لا يخالطهم غيرهم ، وأهلها حسان الصور نظاف الملابس ، وليس في المشرق بلدة تداني مدينة دمشق في حسن أسواقها وبساتينها وأنهارها وحسن صور ساكنيها إلّا شيراز ، وهي في بسيط من الأرض تحفّ بها البساتين من جميع الجهات وتشقّها خمسة أنهار : أحدها النهر المعروف بركن آباد (١١٨) وهو عذب الماء شديد البرودة في الصيف سخن في الشتاء فينبعث من عين في سفح جبل هنالك يسمى القليعة (١١٩) ، ومسجدها الأعظم يسمى بالمسجد
__________________
(١١٥) تزن الأوقية (Ocque) ٢٥٠ ، ١ غرام.
(١١٦) دشت الروم (Dacht RUN) أي صحراء الأتراك ، والقصد إلى الطوائف القشقائية التي تتكلم التركية.
د ـ التازي : إيران بين الأمس واليوم ص ٥٦.
(١١٧) تقع مايين على بعد ١٤ فرسخا شمال شيراز ، وقد ورد تحديدها في كتاب" مسالك وممالك" لأبي إسحاق إبراهيم إصطخري الذي حققه الاستاذ إيرج أفشار ص ١١٥ على نحو ما ذكره ابن بطوطة.
(١١٨) ركن أباد نهر مشهور على لسان الشاعر المعروف حافظ ، وله اسمان : ركن أباد ، أو ركني : اسم على أحد أمراء شيراز الذي هو ركن الدولة حسن بن بوبه الديلمي ويستمد ماءه من عين توجد على بضعة كيلوميترات شمال المدينة. ـ د. موحد : سفرنامه ج ١ ، ص ٢١٦.
(١١٩) القليعة : حصن صغير لم يرد ذكره ، على ما نعلم ، في مصدر آخر.