السلماسيات ومسلسل عاشوراء ، وسمع على الأثير أبي اليمن بن الشحنة بقراءة السيد الشريف محمد بن منصور الحلبي جزء أكل الحبوب والدجاج لأبي الفضل العراقي بإجازة الأول وسماع الثاني من الحافظ البرهان الحلبي بحق قراءته على المؤلف.
وكتب لنفسه بخطه شيئا يتضمن مروياته بأسانيدها ، ثم لما عاد والده إلى حلب متوليا قضاء الحنابلة ناب عنه فيه وسنه دون العشرين ، فلما توفي والده في أوائل سنة تسعمائة استقل به بعده ولبس التشريف والطرحة في خامس ذي القعدة من السنة المذكورة ، وسامحه المقام الشريف في الرسم المقرر على الوظيفة المذكورة وبقي بها ما لم يبق غيره في مثلها إلى انخرام الدولة الجركسية فكان آخر قاض حنبلي فيها بحلب.
وكان توقيعه في صدور الوثائق الشرعية : الحمد لله ، كفى بالموت محذرا ، كما كان لوالدي.
واتفق له يوم قراءة توقيعه بالجامع الأعظم بحلب على العادة القديمة في قراءته تواقيع القضاة به ، ويقرأ ههنا مناشيرهم * كما هو الاصطلاح القديم أن شخصا من القراء الذين يقرؤون شيئا من القرآن العظيم في مثل هذا اليوم افتتح تلاوة قوله تعالى (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ)** الآية ، وهو اتفاق عجيب نظير ما وقع لأمير المؤمنين المستكفي بالله العباسي الآذن لجدي الجمال يوسف الحنبلي في العقود الحكمية بحلب وعملها ، فقد أفاد قاضي القضاة مجير الدين عبد الرحمن العمري المقدسي في تاريخه أن أمير المؤمنين هذا هو أبو الربيع سليمان الذي بويع بعد وفاة أخيه المعتضد بالله أبي الفتح داود بن المتوكل على الله محمد ابن المعتضد بالله أبي بكر بن المستكفي بالله سليمان بن الحاكم بأمر الله أحمد سنة خمس وأربعين وثمانمائة ، وشهد له أنه ما ارتكب كبيرة ولا صغيرة في عمره ، وكتب في تقريره (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ)***.
ثم لما استقرت الدولة العثمانية ذهب إلى دمشق فمكث بها مدة ، ثم استوطن مصر وولي بها نيابة قضاء الحنابلة بالصالحية النجمية وبغيرها ، وحج منها وجاور ، ثم عاد إلى حكمه
__________________
(*) في «در الحبب» : ويعني بها ها هنا قراءة مناشيرهم.
(**) مريم ١٩.
(***) النمل : ١٦.