والمناقب» ، المتن له منظوم والشرح له منثور ، ومطلع المنظوم قوله :
إليك بك اللهم وجهت وجهتي |
|
وفيك إذا ما همت ألفيت همتي |
لقد سدّت الأبواب عني وقصرت |
|
فأسألك التفريج من كل شدة |
لك الحمد إذ أظهرت في الكون سادة |
|
تحلّى بهم والله جيد الملاحة |
بهم كل جود في الوجود وما لمن |
|
أحبهم غير الهنا والمسرة |
لك الحمد أن أشغلت قلبي بذكرهم |
|
وشرفت ما أملي بوصف المحبة |
فهم نور عيني والجمال يحفهم |
|
وهم روح جسمي والحياة بجملة |
لك الحمد فارحمني إذا ما ذكرتهم |
|
بوصف جميل واصلح الله نيتي |
وقد ذكر في الشرح شيخه أبا الوفاء (الشيخ أبا بكر) وأطنب في مناقبه ، وذكر فيه الشيخ عمر العرضي وأطال في مدحه. وكان سأل العرضي المذكور أن المقرر أن النبي أعم من الرسول مع أن الله تعالى علق الإرسال على كل شيء فقال (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى)* دلت بصريحها أنه ما من شيء إلا وقد أرسل الله إليه ، أجاب بأن الرسول المعروف إنسان أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه ذاك بحسب عرف أهل الشرع ، والإرسال المراد في الآية الإرسال اللغوي ، قال تعالى (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ)** ونحو ذلك.
ولم يعرف لذة الجماع أصلا. ولما ورد شاه ولي الخلوتي العارف بالله تعالى صاحبه الشيخ أحمد وتلمذ له وأخذ عنه البيعة حتى تعجب الناس من حسن أخلاق الشيخ أحمد.
ولبّس الشيخ أحمد جميع مريديه تاج الخلوتية وشرع يقيم الذكر على أسلوب الخلوتية فكثر أتباعه وقصده الناس من جميع أقطار حلب ، إلا أن المشددين في الزهد ما أعجبتهم هذه الحالة لكون الطريقة العلوانية محض سنة محمدية. واتخذ له كرسيا يجلس عليه يوم شكوى الخواطر ، فكان يقرأ بعض آيات قرآنية ويفسرها للناس ، وأقبلت عليه الدنيا والنذورات وأسرعت الحكام وأرباب الدولة إلى زيارته. ولما أدركت الشاه ولي الوفاة بحلب اجتمعت عليه أهالي باب النيرب وقالو له : يا مولانا ، ترك الشيخ أحمد طريقته وطريقة
__________________
(*) الحج : ٥٢.
(**) الأعراف : ٥٧